جاد حداد

Project Power... سطحي رغم قوة أفكاره!

24 آب 2020

02 : 00

من المؤسف أن يتحول أي عمل يحمل فكرة رائعة إلى مشروع عام وسطحي على غرار فيلمProject Power (قوة المشروع) على شبكة "نتفلكس"، حتى أنه أسوأ من اختيار مفهوم مبهم لا يستحق إنتاج فيلم طويل عنه. كان صانعو هذا الفيلم يستطيعون تطوير القصة والخطوط الفرعية بطريقة مبتكرة، لكنهم اختاروا أسهل حل وحوّلوا قصة قوية في جوهرها إلى فيلم حركة ممل يتكل بكل بساطة على كاريزما نجومه وسرعة إخراجه، وكأنهم كانوا يخشون أن يطلقوا العنان للقوة الكامنة في مشروعهم.

لنتخيّل أن دواءً يستطيع تحويل الإنسان إلى بطل خارق طوال خمس دقائق! هذا هو فحوى القصة في Project Power الذي تدور أحداثه في "نيو أورليانز". تطلق جهة معينة هذا الدواء في المناطق الفقيرة التي تحاول حتى الآن تجاوز تداعيات إعصار "كاترينا"، فيسبب فوضى عارمة فيها. يكتشف مجرم أن الدواء يُحوّله إلى حرباء فائقة القوة وقادرة على الاختلاط مع أي بيئة، فيصبح بفضله سارق بنك غير مرئي. وفي أفضل مشهد حركة في الفيلم، يطارد ضابط من شرطة "نيو أورليانز" اسمه "فرانك" (جوزيف غوردون ليفيت) ذلك الرجل المعاصر وغير المرئي في الشوارع المزدحمة فيما يندمج مع كل ما يصادفه.





يعمل "فرانك" على تفكيك سلسلة تصنيع الدواء ويقابل "آرت" (جيمي فوكس) المرتبط شخصياً بتلك الأوساط المشينة. وبعد مقتل أحد التجار في انفجار، يضطر "آرت" في نهاية المطاف للتعاون مع فتاة اسمها "روبين" (دومينيك فيشباك) لكن يتربص لهما شرير اسمه "بيغي" (رودريغو سانتورو). يتم تعديل الدواء من جانب القوى الناشطة في الأحياء الفقيرة في مختلف المناطق: إنها فكرة مدهشة نظراً إلى تاريخ البلد في مجال الرعاية الصحية والتجارب العلمية، لكن يتعامل كاتب السيناريو ماتسون توملين مع هذه المواضيع بطريقة سطحية فيُحوّل الشخصيات الشريرة في الفيلم إلى نماذج تقليدية من الأعداء. كان اختيار إيمي لانديكير خاطئاً ويتركز دورها في الفصل الأخير من القصة.

في كل مرة يوشك فيها Project Power على اتخاذ منحىً حماسياً أو مثيراً للاهتمام، يعود ويتراجع في اللحظة الأخيرة. يتفوق أداء فوكس على مستوى الفيلم عموماً، فيقدم الكثير رغم ضعف المواد التي حصل عليها. الإخراج من توقيع هنري جوست وأرييل شولمان وتتراوح نوعيته بين الاندفاع واليأس. كان هذا الفيلم ليحقق هدفه لو أنه تجاوز الحدود المتوقعة منه، ويسهل أن نشعر بأنه يوشك على فعل ذلك في مناسبات متكررة لكنه يمتنع عن أخذ المجازفة المطلوبة في نهاية المطاف. هذا ما يحصل مثلاً في مشهد حركة سخيف يُصوَّر بطريقة غير متوقعة من وجهة نظر إحدى الشخصيات.

يمتد غياب المجازفات إلى الأفكار والشخصيات أيضاً. تتعدد المواضيع الغنية في هذا الفيلم، كأن يضطر شرطي لأخذ دواء كي يشعر بالأمان أو تتفكك عائلة رجل أسود بعدما خدم بلده، لكن لم يستغل صانعو الفيلم هذه الأفكار بالشكل المناسب، وكأن أحد الأطراف اقترح أفكاراً رائعة على طاولة الكتّاب ثم حاول فريق العمل أن يعطي المحتوى طابعاً عاماً وسطحياً قدر الإمكان. كانت القصة مُصمّمة كي تشمل تحولات صادمة في الأحداث وخطوطاً سردية غير متوقعة وشخصيات شريرة مختلفة ومواضيع ثقيلة، لكن يفتقر العمل النهائي إلى هذه العناصر كلها.

في موسم الصيف الاعتيادي، كان فيلم Project Power ليشكّل بديلاً ممتعاً عن الأعمال عالية الجودة التي تُعرَض في دور السينما. لكن في ظل غياب أفلام الحركة الضخمة بسبب الوباء المستجد، يمكن اعتباره فسحة ممتعة أكثر من العادة. من منا لا يحتاج إلى الهرب من الواقع في هذه الظروف؟ ومع ذلك، لا مفر من ملاحظة ضعف هذا المشروع رغم تميّز الموضوع والممثلين وحجم الميزانية. في النهاية، تكمن قوة أي عمل في طريقة استغلال مزاياه!


MISS 3