بين سياسة إصلاحية بدأتها دار الفتوى بعد ترتيب بيتها الداخلي وإجراء انتخابات، وبين الحديث عن أنه لا مكان للمعارضين لتلك السياسة، تثير القضايا التي تخص الدار إهتمام الرأي العام، وتصبح مادةً شهية للأخذ والردّ.
كثُرت التساؤلات عن مصير المجالس الإدارية لدوائر الأوقاف السنّية، وإن كانت رياح الديموقراطية والانتخابات التي هبّت في دار الفتوى منذ سنتين، وبدأت بانتخابات مفتي المناطق، واستكملت بانتخابات المجلس الشرعي، لم تفلح تلك المجالس التي كرّت سبحة تعييناتها منذ سنين من دون انتخاب أعضائها، حيث جرت العادة بالتوافق بين المرجعيات الدينية والسياسية للطائفة السنّية في المناطق كلٌّ حسب تعقيدات تركيبتها، وبمباركة المفتي عبد اللطيف دريان الذي تقدّم إليه لوائح أعضاء المجالس للمصادقة عليها.
كذلك أثار توقيف ثلاثة قضاة شرع عن العمل، في ثلاث محافظات متباعدة جغرافياً، الشكوك في ماهية تلك القرارات التي لم يسبق أن اتخذت، وهل هي حرب تصفيات يراد منها الانتقام من البعض بسبب مواقفه الرافضة للتمديد، أو هي لإقصاء شخصيات ذات ثقل ديني ولها حيثيتها، ويمكن أن تؤثر على ما تقوم به دار الفتوى؟
مصادر في دار الفتوى قالت لـ»نداء الوطن» إنّه سواء أجريت الانتخابات أو تم التعيين للمجالس الإدارية في الأوقاف ستكون النتائج نفسها، وستكون المجالس في حال تعيينها هي نفسها كأول مجلس ينبثق من الانتخابات مع فروقات بسيطة، علماً أنّ الانتخابات خيار ضروري ومهم، ولكن بعد انتخابات المفتين وما أفرزته من نتائج، فإن نتائج انتخابات المجالس ستكون ذاتها ما دامت الهيئة الناخبة لا تزال نفسها، إذا ما حسم منها أعضاء المجالس الوقفية التي تنتخبها باقي الهيئة، ومن المتوقع أن يصدر المفتي دريان قراراً بالتمديد للمجالس ثلاث سنوات قبل إنتهاء مدّة ولايتها في تموز.
وأضافت: في ما يخص ثلاثة من قضاة الشرع (عبد الرحمن شرقية، همام الشعار، سمير كمال الدين) الذين أصدر رئيس المحاكم الشرعية السنّية العليا في لبنان الشيخ محمد عساف قراراً بتوقيفهم عن العمل لمدة معينة، أكدت المصادر أنّ هناك فارقاً زمنياً بين التوقيفات الثلاثة، وهي لم تكن يتيمة، بل جاءت إثر شكاوى من محامين، واذا تمت معالجة الشكاوى يُقال إنّ هناك سياسة تشفٍّ وإنتقام، وإذا لم نعالجها نتّهم بالتواطؤ، واللافت أنّ بعض قضاة الشرع ممّن صدر قرار توقيفهم عن العمل هم الأقرب إلى مفتي الجمهورية الذي يقول أن تعالج مؤسسة دار الفتوى نفسها بنفسها، وليتحمّل كل من يخطئ المسؤولية، وله الحق في تبيان الحقيقة.
وقالت مصادر متابعة إنّ توقيف القضاة عن العمل في هذا التوقيت يثير التساؤلات، في سابقة لم تحدث من قبل، وكان هناك قرارٌ سيصدر في حق قاضٍ رابع تمّ تجميده بسبب مرضه. وما يدعو الى التساؤل هو إعادة نبش ملفٍ للقاضي الشعار بعد ست سنوات، والقرار الذي صدر حينها كان بناءً على رضى شفهي من طرفي النزاع بعدما كان الشعار قد أصدر قراراً أول، والمحامي الذي تقّدم بالشكوى ضدّه هو من القانونيين الذين ساهموا في قوننة جلسة التمديد لمفتي الجمهورية ومحامي أحد طرفي النزاع. وما يقلق الجميع هو الحجج القانونية للشعار في الطعن الذي تقدّم به. ولكي لا يقال إنّ الأمر موجه ضدّه فقط، تمّ فتح ملف أكثر من قاض.