بمناسبة عيد «المقاومة والتحرير» الذي يُحتَفَل به في 25 أيار من كلّ سنة منذ العام 2000، لا بدّ من الإجابة على السؤال الأساس: هل تمّ التحرير أم لا؟ إذا كانت إسرائيل خرجت من لبنان فلماذا تبقى المقاومة؟ وإذا لم تخرج إسرائيل من الجنوب فلماذا الاحتفال بعيد التحرير؟ أو «متل ما بدّو الفاخوري بِدِير دَينِة الجَرَّة»؟
طبعاً، ولألفِ سَبَبٍ وسَبَب، خرجت إسرائيل من لبنان في العام 2000، وما بَقِيَ عالقاً معها لا يعدو كونه نزاعاً حدوديّاً في ثلاث عشرة نقطة تمّ حلّ نصفها تقريباً من خلال اجتماعات الناقورة تحت رعاية الأمم المتّحدة، فيما موضوع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر ما زال ينتظر اعتراف سوريا بلبنانيّة هذه المناطق من أجل فرض استرجاعها من إسرائيل. وعليه، لم تَعُد مُقنِعَة كلّ سَرديّات وخطابات «محور الممانعة» عن التهديد الإسرائيلي الدائم والأزلي الذي يستوجب بقاء «المقاومة» وسلاح «المقاومة» طالما إسرائيل موجودة على الخريطة.
طبعاً لا يُشارِكنا هذا الرأي رئيسا «تيّارَين» دوّنا ما دوّناه وصرّحا ما صرّحا به عند تقديمهما التعزية في السفارة الإيرانيّة بالرئيس الإيراني ووزير خارجيّته وصحبهما الذين قضوا بحادث سقوط طائرة الهليكوبتر. فإذا كان أحد رَئيسَي «التيّارَين» موقفه معروفاً وواضحاً وثابتاً ونهائياً بانتمائه الكلّي إلى «محور الممانعة» ما يعطيه شهادةً بالصدق لهذه الناحية، فإنّ رئيس «التيّار» الآخر لا يَنفكّ يُوهِم «تيّاره» أنّه مُتمايز عن «المحور» ليكسب شعبيّةً تُعوِّضه خساراته، إلّا أنّه في كلّ استحقاق يعود إلى مَرتَعه الأصلي أي «محور الممانعة» وإيران و»حزب الله»، فلا أحد يخرج عن طاعةِ مرشدِه وعرّابه ووليّ نِعمَتِه النيابيّة والنقابيّة.
في المقلب الآخر، كم كان مصيباً الدكتور سمير جعجع في بيانه بمناسبة ما يسمّى «عيد المقاومة والتحرير» إذ طالب بأن تقرّ الحكومة اللبنانيّة أيضاً عيداً في ذكرى خروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005، «لأنّ الاحتلال احتلال سواء أكان مِن عدوّ او مِن شقيق». وكم كان مصيباً بموقفه من الحكومة بتخصيصها مبلغ 94 مليار ليرة لتعويض خسائر الجنوبيّين الناتجة عن فتح «حزب الله» جبهة لمساندة غزّة وإشغال الجيش الإسرائيلي والتضحية باللبنانيّين «على طريق القدس»!
أن يحتلّ العدوّ وطَنَكَ فهذا أمرٌ حَصَلَ مئات ومئات المرّات منذ فجر التاريخ. أن يحتلّ «الشقيق» وَطَنَكَ فهذا أمرٌ مُنافٍ لمفهوم حُسنِ الجوار وهو طعنٌ للشرائع وغدرٌ بالأخوّة. إنّما الطامة الكبرى هي، في أن يُسيطر على وطنِك ودستورِك وقرارِك ابن بلدك المدجّج بالسلاح والمنتمي إلى «محور خارجي»، هنا يصحّ قولُ طرفة بن العبد:
وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة
على المرء من وَقع الحُسامِ المُهَنَّدِ.