"الإنترنت الميت"... نظرية صحيحة؟

تفترض «نظرية الإنترنت الميت» أن النشاطات والمحتويات على شبكة الإنترنت، بما في ذلك الحسابات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، هي من اختلاق عملاء الذكاء الاصطناعي.

يستطيع هؤلاء العملاء أن يبتكروا منشورات سريعة ومُصمّمة لحصد تفاعل واسع (نقرات، إعجابات، تعليقات) على منصات مثل «فيسبوك»، و»إنستغرام»، و»تيك توك». لكن لا تقف النظرية عند هذا الحد، إذ يبدو أن عملاء الذكاء الاصطناعي يديرون أيضاً جزءاً كبيراً من الحسابات التي تنشر هذا النوع من المحتويات، فتنشأ حلقة مفرغة من التفاعل الاصطناعي الذي يحمل أجندة غير واضحة ولم يعد البشر جزءاً منه.

تكثر الأدلة التي تثبت النزعة إلى التلاعب بمواقع التواصل الاجتماعي عبر تلك الروبوتات المتضخمة بهدف استمالة الرأي العام عبر حملات التضليل. بدأت هذه العملية منذ سنوات.

في الفترة الأخيرة، استُعمِلت حملات تضليل واسعة وموالية لروسيا لإضعاف الدعم لأوكرانيا وتأجيج المشاعر الإيجابية تجاه الروس. كشف الناشطون والصحافيون تلك الجهود المنسّقة التي استعملت الروبوتات والذكاء الاصطناعي لنشر معلومات كاذبة والوصول إلى ملايين المستخدمين.

يُعتبر هذا المستوى من التأثير بارزاً. تذكر التقارير أن الروبوتات كانت مسؤولة عن نصف حركة الإنترنت في العام 2022. وفي ظل التقدّم المستمر في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، من المتوقع أن تتحسّن نوعية المحتويات المزيّفة.

تسعى شركات التواصل الاجتماعي إلى معالجة سوء استخدام منصاتها. اقترح إيلون ماسك مثلاً أن يدفع مستخدمو منصة «إكس» قيمة معيّنة مقابل عضويتهم لردع الروبوتات. تجدر الإشارة إلى أن الشركات العملاقة التي تدير مواقع التواصل الاجتماعي تستطيع إلغاء كميات كبيرة من نشاطات الروبوتات حين ترغب في ذلك.

لا تزعم «نظرية الإنترنت الميت» أن معظم تفاعلاتنا الشخصية مزيفة، لكنها تطرح نظرة مثيرة للاهتمام عن هذه الشبكة. بعبارة أخرى، لم يعد الإنترنت خاصاً بالبشر، وهذا ما يفسّر «موت» الشبكة بالشكل الذي نعرفه ونُحبّه.

اكتسب الإنترنت قوته بفضل حرية الابتكار وتقاسم الأفكار على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحاول أطراف خبيثة السيطرة على هذه القوة بالذات.

تُذكّرنا «نظرية الإنترنت الميت» إذاً بضرورة انتقاد أو التشكيك بمحتويات منصات التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية أخرى أثناء تصفّحها. قد تكون أي تفاعلات أو محتويات رائجة مفتعلة ومزيفة، وهي تهدف في الأساس إلى تغيير نظرتنا إلى العالم.