ألان سركيس

أكثر من 600 ألف نازح في جبل لبنان: متى ساعة التصفير؟

خلال حملة إقفال المحالّ (فضل عيتاني)

يبقى ملف النزوح السوري الشغل الشاغل للكثير من اللبنانيين. وإذا كان الشارع المسيحي تحرّك من أجل عودتهم إلى بلادهم أو أقلّه ترحيل غير الشرعيين، فالمسؤوليات والواجبات على الدولة كثيرة. ولا يبدو ثمة قرار من الحكومة ببدء مشوار الترحيل مثلما تفعل بعض دول جوار سوريا، بل يقتصر الأمر على التضييق. وفي انتظار صدور هذا القرار، تحاول بعض المناطق تطبيق تعاميم وزارة الداخلية والقوانين اللبنانية.

بينما تتّجه أقضية شمالية مثل البترون والكورة وبشري إلى تصفير أعداد السوريين غير الشرعيين مستندةً إلى تعاميم وزارة الداخلية وقرارات محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا بالإخلاءات، ينتظر البعض التحرّك الحازم في جبل لبنان الشمالي والجنوبي، ووفق الإحصاءات الرسمية لبعض الهيئات المحلّية يتوزّع السوريون في أقضية جبل لبنان وفق الأرقام الآتية: كسروان نحو 50 ألف نازح سوري. المتن: نحو 120 ألفاً. جبيل نحو 55 ألفاً. ويبلغ مجمل أعداد السوريين في جبل لبنان الشمالي نحو 225 ألف نازح.

أما في جبل لبنان الجنوبي فهناك الكارثة، إذ يقدّر عدد السوريين في بعبدا بنحو 130 ألف نازح. وفي الشوف نحو 185 ألفاً. ويسكن قضاء عاليه نحو 100 ألف نازح، وبالتالي يقدّر عدد السوريين في جبل لبنان الجنوبي بنحو 415 ألف نازح، ليصل العدد في كل أقضية الجبل إلى نحو 640 ألفاً.

وتتعرّض هذه الأرقام للتغيير وترتفع أو تنخفض حسب الأجواء والأحداث، فقد ارتفعت في جبل لبنان الجنوبي بعد انطلاق الحرب في الجنوب نتيجة هروب مجموعات من النازحين من أقضية الجنوب وتغلغلهم في بعض المناطق مثل إقليم الخروب وضواحي بيروت الجنوبية. أما في جبل لبنان الشمالي فقد انخفضت الأرقام بعد جريمة اغتيال منسق «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان، لكن أغلبية الذين غادروا البلدات الجبيلية والكسروانية والمتنية عادوا بعدما هدأت النفوس مستغلّين تواطؤ بعض البلديات والمخاتير وضعف الإجراءات وتواطؤ بعض أصحاب العقارات والشقق المستفيدين، على اختلاف الألوان السياسية والطائفية.

وتُعتبر ظاهرة الخيم والمخيّمات نادرة في جبل لبنان، بل الأغلبية الساحقة من النازحين تستأجر الشقق والبيوت، وما يؤخّر الحلّ، خصوصاً في جبل لبنان الجنوبي هو عدم استعداد الحزب التقدمي الإشتراكي للمواجهة مع السوريين في الشوف وعاليه، لأنه يعتبرها مواجهة مع البحر السنّي، بل يطالب بقيام الدولة بواجباتها. ومن جهة ثانية، هناك بيئة حاضنة للنزوح في إقليم الخروب الشوفي رغم تضرّر بعض الأهالي وأصحاب المصالح من الانفلاش السوري.

ومثلما تتحرّك أقضية الشمال المسيحي، ينتظر القيام بالتحرّك نفسه في أقضية جبل لبنان الشمالي، لكنّ قسماً كبيراً من البلديات ليس على قدر المرحلة ولا يستطيع مواجهة تحديات كهذه، بينما توجد بلديات لا ترغب في التحرّك أو تستفيد من برامج المنظمات الدولية التي تدعم دمج النازحين السوريين مقابل الحصول على بعض المشاريع التي لا تقدّم أو تؤخّر.

وتقع على عاتق اتحاد البلديات المهمة الكبرى لكي يضغط، في حين تأمّنت المظلة السياسية الكبيرة في جبل لبنان من القوى الفاعلة على الأرض مثل «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» و»الكتائب اللبنانية» و»الوطنيين الأحرار» والشخصيات النيابية والسياسية الأخرى، وبالتالي لم يعد هناك مبرّر لعدم ضبط النزوح غير الشرعي. وإذا كانت الأجهزة تقوم بواجباتها بإقفال المحالّ والمصالح السورية المخالفة، إلا أنّ المشهد نفسه تقريباً قبل اغتيال سليمان عاد إلى جبيل وكسروان والمتن، وكأن شيئاً لم يكن، في حين يبدو الوضع في جبل لبنان الجنوبي أسوأ، وهذا الأمر يتطلّب الحزم من الدولة أولاً، ومن البلديات والمخاتير ثانياً، ومن الأهالي ثالثاً لأن الوجود السوري يحصل برضى الأهالي من جميع التلاوين السياسية والطائفية، ولم تسجل في أي محكمة في جبل لبنان أو مخفر شكاوى تقول إنّ السوري يسكن بالقوّة، بل إنّ المستفيدين يريدون بقاءهم ولو كان المجتمع يرفض هذه الحالة غير الشرعية.