لن نستمتع بمشاهدة فيلم الرعب والتشويق الإندونيسي الجديد Monster (الوحش) على شبكة «نتفلكس» إذا رفعنا سقف توقّعاتنا. الفيلم من إخراج راكو بريجانتو، وهو ينذر بتقديم رحلة متقلّبة وخطيرة، لكنه لا يصيب الهدف في النهاية ويبقى أقلّ من المستوى المتوقّع.
تتمحور الحبكة حول مصير الصديقَين «ألانا» و»رابين» اللذين يتعرّضان للخطف على يد رجل شرير، فيتمّ احتجازهما في أعماق منزل مهجور. قد تبدو هذه الحبكة واعدة، لكنها ليست كذلك. توحي الأحداث الأولية بأن الفيلم سيكون ممتعاً، لكنّه يعجّ بتحوّلات غير مبرّرة وأحداث لا تخدم القصة بل أُضيفت على ما يبدو لتمرير الوقت.
يُفترض أن يستفيد الفيلم في المقام الأول من شخصية «ألانا» لأنها بكماء. من المنطقي أن يرفع هذا الجانب من حياتها مستوى التشويق والتوتر في معظم المشاهد، لكن لا يتعمّق صانعو العمل في هذه المسألة. وبدل الاستفادة من هذه الصفة الاستثنائية، يكتفي الفيلم بتجاهلها ولا يستكشف في أي لحظة تأثيرها على مسار القصة.
على صعيد آخر، قد لا يكون الأداء التمثيلي مريعاً، لكنه ليس مُرضِياً بشكل عام. تبذل مارشا تيموثي وبقية الممثلين قصارى جهدهم لتقديم أفضل ما لديهم انطلاقاً من المواد التي يملكونها، لكن سرعان ما يخذلهم السيناريو الجامد والإخراج الباهت. إنه أمر مؤسف لأن الفيلم يهدر قوة المواهب المشارِكة فيه.
في ما يخص الإخراج، نجح راكو بريجانتو في ترسيخ اسمه في عالم السينما الإندونيسية، فهو معروف بأفلام مثل Para Betina و Para Betina Pengikut Iblis: Part 2. لكن يبدو الفيلم الجديد خطوة إلى الوراء في مسيرته، فهو يفتقر إلى الأسلوب السردي المبتكر والمؤثرات البصرية الجريئة التي ميّزت أعماله السابقة كونه يستبدلها بمقاربة جامدة ومألوفة تبدو أكثر تماشياً مع الأفلام المُعدّة للعرض التلفزيوني.
على مستوى المؤثرات البصرية وإدارة التصوير، يبدو الأداء متقناً خلال لحظات عابرة. تبرز لقطات عبقرية وجاذبة من وقتٍ لآخر، حتى أنها تصل إلى مستوى الإبهار أحياناً. تتعدّد اللمحات التي تنجح في جذب اهتمام المشاهدين، أبرزها الإضاءة المريبة في بعض المشاهد والأجواء الخانقة التي يتنقّل فيها أبطال القصة وهم يعيشون تجربتهم المريعة. لكن مقابل كل مشهد ناجح، تكثر اللقطات السطحية والعادية، وكأن مدير التصوير تخلّى عن مهامه في منتصف الفيلم واكتفى بتقديم لحظات متقنة بوتيرة متقطعة وعشوائية.
لكن قد يتعلق أسوأ خطأ في هذا الفيلم بفشله في تقديم المحتوى المطلوب على مستوى الرعب والتشويق. تتعدّد اللقطات المرعبة من وقتٍ لآخر، لكنها تبدو رديئة ومبتذلة. يفتقر العمل عموماً إلى أجواء التوتر والخوف والمخاطر الوشيكة التي يُفترض أن تخترق جميع مشاهد الفيلم. تغيب هذه العوامل بالكامل.
في النهاية، يسهل نسيان هذا الفيلم مقارنةً بقصص الرعب الأخرى، فهو سيبقى مجرّد فيلم آخر في مكتبة «نتفلكس» المتوسّعة. لا يخلو العمل من اللحظات المميزة، لكن تبقى مزاياه قليلة ومتباعدة وتطغى عليها جوانب رديئة بشكل عام. إذا كنت تريد خوض تجربة سينمائية مرعبة ومؤثرة، فمن الأفضل أن تبحث عن فيلم آخر.