زيلينسكي للأوروبّيين: بوتين عدوّنا المشترك

بوتين متحدّثاً خلال المنتدى الإقتصادي الدولي في سان بطرسبرغ أمس (أ ف ب)

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال كلمة له أمام البرلمان الفرنسي أمس، حلفاءه الغربيين، إلى بذل مزيد من الجهد لتحقيق «سلام عادل» في ظلّ الغزو الروسي لأوكرانيا، مُعرباً في الوقت ذاته عن ثقته في أنّ كييف ستخرج منتصرة من هذه الحرب. وحذّر من أنه بعد مرور 80 عاماً على إنزال النورماندي في الحرب العالمية الثانية الذي شارك في ذكراه، لم تعد أوروبا «للأسف قارة تنعم بالسلام» منذ غزو أوكرانيا، مؤكداً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «عدو مشترك» لبلاده وللقارة العجوز.

وأعرب زيلينسكي الذي استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الإليزيه عن أمله في أن تؤدّي القمة التي تستضيفها سويسرا في وقت لاحق من هذا الشهر في شأن السلام في أوكرانيا، إلى تسريع التوصّل إلى نهاية عادلة للصراع، لافتاً إلى أن «قمّة السلام يُمكن أن تُصبح صيغة تجعلنا أقرب من نهاية عادلة لهذه الحرب». وخصّ ماكرون بكلمة متوجّهاً إليه بشكل مباشر قائلاً: «من دونك إيمانويل، كانت أوروبا ستبقى من دون زعيم».

وبعدما أكد ماكرون أن فرنسا ستنقل مقاتلات من طراز «ميراج 2000» إلى أوكرانيا في إطار تعاون عسكري جديد مع كييف، رافضاً استبعاد إرسال مدرّبين غربيين إلى أوكرانيا لتدريب الطيارين الأوكرانيين، اعتبر الكرملين أن هذه التصريحات تُظهر أن فرنسا «مستعدّة للمشاركة بشكل مباشر في الصراع».

وخلال اجتماع عُقد بين زيلينسكي والرئيس الأميركي جو بايدن في باريس، أعلن الأخير مساعدة جديدة بقيمة 225 مليون دولار لأوكرانيا، مؤكداً للرئيس الأوكراني أنّ «الولايات المتحدة ستكون معكم دائماً». وقال بايدن لزيلينسكي: «أنتم لم تستسلموا»، مقدّماً «اعتذاراته» عن أشهر المفاوضات التي سبقت إقرار الكونغرس حزمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بينما شكر زيلينسكي بايدن على «الدعم الكبير» الذي تقدّمه بلاده، لافتاً إلى أنه «نحن نعتمد على دعمكم».

توازياً، كشفت شركة الأسلحة الفرنسية - الألمانية «كي أن دي أس»، التي تصنع مدافع «قيصر»، لوكالة «فرانس برس»، أن شركتها الفرعية ستُنتج معدّات عسكرية وذخائر على الأراضي الأوكرانية. كذلك، أضفت الشركة الطابع الرسمي على عقد لنقل الإنتاج المرخّص لقذائف عيار 155 ملم إلى الأراضي الأوكرانية.

ميدانياً، تحدّثت «الدفاع الروسية» عن سيطرة الجيش الروسي على قرية باراسكوفييفكا في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، مشيرةً إلى أنه «خلال الأسبوع الماضي، حسّنت وحدات من المجموعة الجنوبية مواقعها على طول خط المواجهة وحرّرت بلدة باراسكوفييفكا» الواقعة على مسافة نحو 25 كيلومتراً جنوب غرب مدينة دونيتسك، عاصمة إقليم دونيتسك.

في السياق، كشف بوتين خلال كلمة له في المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبرغ أن روسيا سيطرت على 47 بلدة وقرية أوكرانية منذ بداية هذا العام، لافتاً إلى أن «أكثر من 160 ألف شخص» انخرطوا في الجيش الروسي منذ الأوّل من كانون الثاني الماضي للقتال على الجبهة الأوكرانية. وذكر أن السلطات الروسية «لا تعتزم» إطلاق حملة تعبئة جديدة.

في الأثناء، قُتل 19 شخصاً وأُصيب 5 آخرون في ضربتَين أوكرانيّتَين استهدفتا متجراً في قرية سادوفي في منطقة خيرسون جنوب أوكرانيا، ضمن الأراضي التي تحتلّها القوات الروسية، بحسب ما أفادت سلطات الإحتلال الروسي.

كما أشار مسؤولون روس إلى أن هجوماً صاروخيّاً على مدينة لوغانسك التي تحتلّها روسيا في شرق أوكرانيا، أدّى إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين، فيما ادّعت الدفاع الروسية أن كييف «أطلقت عمداً 5 صواريخ «أتاكامس» أميركية الصنع على مناطق سكنية في مدينة لوغانسك».

وبعدما سمحت أميركا لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية لضرب أهداف داخل روسيا، حمّلت موسكو، واشنطن، للمرّة الأولى منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، مسؤولية قتل نساء وأطفال جرّاء ضربات نفّذتها القوات الأوكرانية في منطقة بيلغورود الروسية الحدودية الأسبوع الماضي، بحسب الخارجية الروسية التي تحدّثت عن «دليل مادي» يتمثل في «شظايا» صواريخ «هيمارس».

إلى ذلك، أبلغت المفوضية الأوروبّية في إحاطة لسفراء الاتحاد الأوروبي، الدول الأعضاء، بأن أوكرانيا ومولدوفا استوفتا كلّ المعايير اللازمة لبدء مفاوضات الإنضمام إلى التكتل، مؤكدةً أن كييف استوفت المتطلّبات، بما فيها الجهود الرامية إلى الحدّ من نفوذ الأوليغارش وضمان حقوق الأقلّيات الإتنية بشكل أفضل. وأشارت إلى أن «القرار أصبح الآن بأيدي الدول الأعضاء».

وفي محاولة منه لاستغلال الخلافات الداخلية الأوروبّية قبيل الانتخابات، قال بوتين إنّ العديد من الأوروبّيين يُريدون العودة إلى «القيم التقليدية» ويُمكنهم إسماع صوتهم في الانتخابات الأوروبّية وتقديم روسيا كمعقل لهذه القيم، لافتاً إلى أن بلاده «أصبحت حاملة للثقافة الأوروبّية التقليدية» التي «يجري القضاء عليها في الدول الأوروبّية، لكن يُدرك العديد من الأوروبّيين هذا الواقع ويُحاولون التطوّر على أساس القيم التقليدية».