طوني فرنسيس

منظّمات "المجتمع المدني" إذ تستولي على الدولة

27 آب 2020

02 : 00

"ممنوع تجاوز الدولة"، يقول عمّار الموسوي، مسؤول العلاقات الخارجية في "حزب الله"، مُكرّراً كلاماً من هذا القبيل أطلقه الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، إثر كارثة تفجير بيروت.

نصرالله ذهب في خطابه الى القول بمؤامرة على الدولة جرى إحباطها، مُنقّحاً ومُضيفاً على اتهامات حليفه رئيس المجلس النيابي بمناسبة استقالات النواب!

هناك من يتآمر والدولة مُهدّدة، والدليل حسب الموسوي، منعها من إحصاء الأضرار وتقديم المساعدات في بيروت المُدمّرة. والذي يمنعها ليس إلّا جمعيات المجتمع المدني NGO التي تُمسِك بالسندويشات وعبوات المرطّبات...

في الجنوب، الذي عاش ليلةً مضيئة مع القذائف الإسرائيلية المنيرة والمتفجّرة، كان الهدف أيضاً واحدة من جمعيات المجتمع المدني. ويقول بيان الجيش عن ساعات التوتّر تلك إنّ اسرائيل استهدفت "مراكز تابعة لجمعية أخضر بلا حدود البيئية " بـ117 قذيفة مُضيئة و100 فوسفورية... الاّ أنّه يستدرك في تقليد عمره 50 عاماً أنّه "سُمع دويّ عشرات الإنفجارات داخل مزارع شبعا المحتلّة". ليست واضحة العلاقة بين "أخضر بلا حدود" وانفجارات المزارع، لكن رابطاً يفرض حضوره بين منظّمات "المجتمع المدني" من الحدود الى قلب بيروت، فحواه أنّ هذه الجمعيات، على امتداد الساحات، تقدّم نفسها بديلاً عن الدولة. في بيروت تحتكر الإغاثة برضى الناس، فتنال غضب الحكّام، وفي الجنوب تُمسك بالنشاط "البيئي" وتتلقّى الضربات الإسرائيلية، والدولة الحاضرة لـ"محاصرة" جماعة الـ"أن جي أوز" في بيروت، تكتفي ببيان عن تعرّض "أن جي أوز" الحدود للقصف والإضاءة، من دون توضيح فِعلي لما حصل، أو إشارة الى تهديد نتنياهو بـ"ردٍّ قوي" في حال حصول هجمات أخرى، وتحميل جيش العدوّ "الحكومة اللبنانية مسؤولية ما يحصل على أراضيها".

لو خُيِّرَ اللبنانيون بين الدولة والجمعيات لاختاروا الدولة بالتأكيد، وهو ما سيفعلونه لو خُيِّروا بين الدولة والميليشيا. والمشكلة الآن أنّ من يستفيق للدفاع عن الدولة لا يرى فيها إلّا صورته، بينما المطلوب دولة بمؤسسات شرعية "ممنوع تجاوزها" في الجنوب كما في كل مكان، وكلّ ذلك عملاً بتوصية المسؤول المذكور.