ارتفعت أمس وتيرة المبادرات الداخلية لملاقاة الاهتمام الدولي والاقليمي بإنجاز الاستحقاق الرئاسي. وتحرّك في وقت واحد «التيار الوطني الحر» و»اللقاء الديموقراطي» استكمالاً لما بدأه قبل أسابيع تكتل «الاعتدال الوطني» النيابي. وكان لافتاً الاجتماع الذي عقدته المعارضة مساء أمس في بيت الكتائب المركزي مع رئيس «التيار» النائب جبران باسيل الذي استبق اللقاء بتأييد ما يطرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة ربط الاستحقاق الرئاسي بـ»حوار» يترأسه متخطياً الدستور الذي لم ينص إطلاقاً على هذا الربط. ويذكر أنّ باسيل صرّح بعد لقائه بري صباحاً: «لن ننجح في انتخاب رئيس دون نسج تفاهم، والتفاهم يكون على رئيس توافقي، ومن هنا كانت فكرة التشاور أو الحوار».
وردّ بري على «تحية» باسيل «بأحسن منها»، فصرّح أنّه «حكي بالتوافق وأيّد الحوار بآليتي وبرئاستي، ومن هالناحية جبران أفضل من غيره»، وأضاف: «باسيل لم يذكر أي أسماء مرشحين. وعن فرنجية قال لي ما رح نمشي فيه».
ورداً على سؤال عن حوار من دون «القوات اللبنانية «، قال بري: «الحوار يلي دعيت اليه الكل بيعرف قواعده ولنوصل ليها منصلي عليها».
وبعد الاجتماع المسائي أصدرت «لجنة تنسيق نواب قوى المعارضة» البيان الآتي: «اعتمد نواب قوى المعارضة، ومنذ اللحظة الأولى للاستحقاق الرئاسي، على الآليات الدستورية لإنجازه، فحضروا كافة الجلسات الانتخابية، وصوتوا خلالها لمرشح بعينه، ورحبوا بمساعي الدول الصديقة للبنان ولجنتها الخماسية، خصوصاً لجهة تماهي بيانها الأول في الدوحة مع مواصفات المعارضة للرئيس العتيد، أو لجهة تأكيد بيانها الأخير على صيغة التشاور للوصول الى تفاهم في مهلة زمنية محددة وواضحة.
لقد أبدى نواب قوى المعارضة تجاوبهم مراراً مع كل المبادرات، وانفتاحهم اليوم على التشاور مع «اللقاء الديموقراطي»، وأيضاً «التيار الوطني الحر»، الذي انتج في السابق تقاطعاً على مرشح وسطي. هذه المشاورات، كما يراها نواب المعارضة، تشكّل بحد ذاتها نموذجاً للتشاور المطلوب الذي يقرّب وجهات النظر بين الأفرقاء، ولكنهم حريصون على ألا تتحول الى عمليات تجميل لتغطية مخالفات دستورية، بصرف النظر عما إذا أصبحت أعرافاً، أم حصلت لمرة واحدة بتسليم من الجميع، وألّا تكون التفافاً على مبادرات اللجنة الخماسية، وعودة الى ما طرحه رئيس المجلس بشكل مبطّن وتخدم مقاربته، ومقاربة فريقه المنافية لقواعد الدستور، والتي تكرّر فرضها في العديد من الاستحقاقات السابقة، وأدت نتائجها الى الانهيار الذي نعيشه اليوم.
لقد سعى نواب قوى المعارضة الى التوافق على مرشح غير مرشحهم الأساسي، من خلال التقاطع مع أحد أطراف الفريق الآخر على مرشح وسطي، الذي نال ما يقارب 60 صوتاً في آخر جلسة انتخاب منذ عام تماماً، وما زال هذا التقاطع قائماً، وقد تكرر تأكيد ذلك من قبل كل المتقاطعين مراراً.
كل ذلك في سبيل إتمام الاستحقاق، وانتخاب رئيس للجمهورية، سيادي اصلاحي، يعيد انتاج السلطة بشكل شرعي وفعال ومنسجم، تمثل طموحات اللبنانيين باستعادة الدولة واصلاحها على كل الصعد.
بناءً عليه، يكرّر نواب قوى المعارضة تأكيدهم مجدداً على انفتاحهم، السابق واللاحق، على مشاورات محدودة زمنياً، كما تحصل حالياً، بعيداً عن أي تكريس لأعراف جديدة تخالف الأصول الدستورية، وغير مشروطة بأي شكل من الأشكال، خصوصاً لجهة فرض اسم مرشح بعينه، بحيث يقتنع الفريق الآخر بفتح أبواب المجلس النيابي أمام جلسة انتخاب مفتوحة لرئيس الجمهورية وبالتزام الحضور من الكتل كافة، تطبيقاً للمادة 74 من الدستور، التي تؤكد اجتماع المجلس النيابي بحكم القانون لهذه الغاية».
وفي رأي أوساط المعارضة، أنّ باسيل حاول إظهار دور «التيار» على مسرح المبادرات بهدف لفت نظر الولايات المتحدة التي تحض على انتخاب رئيس للجمهورية، لكن باسيل، بحسب هذه الأوساط يسعى في الوقت نفسه انطلاقاً من التصاقه بثنائي بري-»حزب الله» الى تسويق مرشح يختاره الثنائي غير رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية كي يبرر تقاطعه مع عين التينة وحارة حريك. ما يبرّر لاحقاً ابتعاد «التيار» كلياً عن المعارضة.
في موازاة ذلك، وغداة زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان حاضرة الفاتيكان، يقوم أمين سر الدولة الكاردينال بييترو بارولين، بزيارة لبنان في 23 حزيران الجاري للمشاركة في قداس احتفالي لمنظمة فرسان مالطا».
وأوضح مصدر ديبلوماسي لـ»نداء الوطن» أنّ بارولين سيكرّر التأكيد على «أنّ لبنان يمثل الكثير بالنسبة للكرسي الرسولي، ويجب الحفاظ عليه».