مريم سيف الدين

المعارضة أكثر واقعية: لا رهان على تغيير مفاجئ إنما بلورة مشاريع سياسية

1 أيلول 2020

02 : 30

بعض الناشطين في الجميزة طلبوا من أديب الرحيل (فضل عيتاني)

في ذكرى مئوية لبنان دعت مجموعات معارضة للتظاهر عند الرابعة من بعد ظهر اليوم في ساحة الشهداء في محاولة لاستعادة المبادرة السياسية، والتي يبدو أنها بيد السلطة اليوم التي لا تواجه معارضة قوية. وتمثلت خطوة الاعتراض الأولى على تكليف السفير مصطفى أديب بتشكيل الحكومة بمطالبته من بعض الناشطين مغادرة منطقة الجميزة المنكوبة، واتهموه بأنه ممثل للسلطة الحاكمة التي سمّته. في هذا الوقت يبدو أن القوى المعارضة لم تعد تراهن على ردود الفعل في الشارع، خصوصاً بعد ان نجحت السلطة بالاستثمار في تفجير بيروت. وتبذل المجموعات المختلفة جهدها في صياغة المشروع السياسي و"البديل"، الذي أعلن بعضها عنه نهار الأحد.

في قراءته السياسية للأحداث، يرى الأستاذ في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، ميشال دويهي، أن لا حل اليوم لاستعادة المبادرة السياسية إلا في العودة إلى الشارع. على الرغم من إدراكه أن السلطة لن تتخلى عن الحكم إلا بإشكال كبير، "والرسالة واضحة من خلال استخدام الرصاص الحي". وبالنسبة للأستاذ الجامعي، تختلف مهمة حكومة أديب، في حال تشكلت، عن مهمة حكومة دياب، "فهي حكومة مهمتها شراء الوقت بعد أن كانت مهمة دياب القضاء على الثورة. وستتحكم سلوكيات شراء الوقت بعملها وهو سلوك خطر يلعب على التهدئة فيما الوضع يغلي. وستتجه نحو معالجة نتائج الانهيار لا أسبابه". وعن المبادرات التي تعمل عليها المجموعات وطرح البديل، يعتبر دويهي أنه من الجيد جلوس المجموعات معاً، لكنه يعتبر تحضير البديل غلطة في السياسة انطلاقاً من اعتباره بأن الثورة ليست في موقع تحضير البديل وإنما الضغط. "ويمكن للمجموعات أن تصبح بديلاً عندما تنظم صفوفها وتخوض الانتخابات النيابية بعد التخلي عن القانون الحالي، ومهمة الثورة الآن منع تشكيل الحكومة".

في اتصال مع "نداء الوطن"، يعترف ماهر أبو شقرا من مجموعة "لحقي" بأن المجموعات لا تملك اليوم تمثيلاً شعبياً، "لكنها تخوض نزاع شرعية، فلا حل لديها سوى أن تطرح مشروعاً وتدعو الناس إلى الإلتفاف حول المشروع البديل. ولا يمكن للناس أن تجتمع فقط حول اعتراض". وينطلق طرح أبو شقرا من رؤيته بأن شرعية هذه المنظومة سقطت، ما يدعوهم كمجموعات لبناء شرعية أخرى تلتف حول بديل سياسي ببرنامج واضح يضم أكبر عدد من المجموعات السياسية، "والبديل قابل للتطوير بحسب التطورات السياسية والإقتصادية في المرحلة القادمة، وبالتفاف مجتمع الثورة تتحقق الشرعية الشعبية للمشروع". وتأخذ المجموعات في الاعتبار تغييرات عدة طرأت على الشارع اللبناني، منها تعب الناس وانشغالها بمشاكلها اليومية. ويرى أبو شقرا أن "هذه الظروف الصعبة تصب في صالح قوى السلطة، فكلما زادت حاجة الناس زاد استعدادها للتنازل". وعما إذا كان يتم الاعداد لسيناريو لأن تكون جلسة منح الثقة لحكومة أديب شبيهة بجلسة الثقة بحكومة دياب حيث حوصر مجلس النواب، يقول أبو شقرا: "الناس لم تعد مؤمنة بالمسار الدستوري. فقد أصبحت شكليات بعيدة عن مخيلة الناس في ظل ازدياد ظروف الفقر والقهر والظلم".

من جهته يتوقع عضو قطاع الشباب والطلاب في "الحزب الشيوعي"، سمير سكيني، بأن يتكرر سيناريو جلسة منح الثقة ومحاصرة مكان عقد الجلسة. وعن نجاح القوى الأمنية ومناصري الأحزاب في كل مرة بفضّ التظاهرات عبر الاعتداء على المتظاهرين واستخدام العنف ضدهم وكيفية مواجهة هذه المشكلة المتكررة، يقول سكيني بأنه لا يمكن منع هذه الممارسات وبأن الحل بألا تعود هذه الأمور أساسية، مؤكداً أن تظاهرة 8 آب شهدت إصراراً واضحاً لأول مرة منذ الإنتفاضة. وفي حين تراجع "الحزب الشيوعي" عن التوقيع على مبادرة المجموعات التي أطلقت الأحد، بعد أن تراجعت المبادرة عن تسمية حكومة الثورة بسبب الانتقادات التي طالت الفكرة، يرى سكيني أن مهمة الثوار الضغط لتشكيل حكومة تنحاز للناس إن فشلوا في تشكيل حكومة بديلة. ويتوقع سكيني بأن يتبنى البيان الوزاري ورقة الإصلاحات نفسها التي قدمها الرئيس سعد الحريري. "فالسلطة لا تقرأ الشارع وتنتج وجوهاً جديدة بالمضمون نفسه، فالرئيس المكلف نسخة عن حسان دياب".

من جهتها أطلقت "شرعة الانقاذ الوطني" بياناً حملت فيه السلطة الحاكمة مسؤولية الإنفجار. وطالبت بتحقيق دولي شفاف للكشف عن المنفذين والمسؤولين.


MISS 3