لم يكن لتعدّي "حزب الله" أن يمرّ على الأملاك الخاصّة من دون أي إشكال في أي منطقة، وليس فقط في الحمرا. فالمسألة الخلافيّة في لبنان، لم تعد محصورة بين "الحزب" واللبنانيين، إذ انتقلت النقمة والصرخة إلى بيئة "الحزب" وداخل البيت نفسه، وهذا ما حصل في فندق "حمرا ستار"، حيث لم تتردّد إحدى النساء النازحات، في رمي اللوم على فريق الممانعة، وتحميله مسؤولية السجال الدائر منذ أيام على خلفية مكوث النازحين في الفندق ومحاولات إخلائهم منه.
وبينما تضيق فسحة الرجوع إلى ما قبل العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، يبدو جلياً أنّ أهالي البيئة الحاضنة غير "منسجمين" مع موقف "حزب الله"، خصوصاً في ما يتعلّق بمساندة غزّة على حساب أمنهم وسلامتهم، وكان هذا واضحاً من حديث النازحين في فندق "حمرا ستار"، حيث أكّد أحدهم لـ"نداء الوطن"، "أن لا مأوى ولا مسكن لهم وأن لا دخل لهم بهذه الحرب القائمة، بل هم يتعرّضون يومياً للذل".
الدولة تتحرّك
رغم سيطرة "حزب الله" على غالبية مفاصل الدولة، إلاّ أنّ القضاء تحرّك وطالب النازحين بإخلاء الفندق. مع هذا، لا يزال معظمهم يعيشون في الفوضى، لكن اللافت هذه المرّة أنّ مسؤولي "الحزب" يُجاهرون بتطبيق القانون والعودة إلى كنف الدولة، معتبرين أنّ الاعتداء على الأملاك الخاصة هو بمثابة سرقة، وأنّ الدين الإسلامي براء من هذه الأعمال، بحسب ما كرّروا في محيط الفندق. ويبدو أنّ آراء المسؤولين غير كافية لردع أي نوع من الاشتباك، لا سيّما في المرحلة القادمة حيث ستقوم القوى الأمنيّة بإخلاء المكان فوراً بسبب رفع الغطاء عن الأعمال غير القانونية.
ولكن قبل إخلاء الفندق، يبقى السؤال، هل هذا المكان مؤهل لاستقبال هذا العدد الهائل من النازحين؟ وهل هو صالح للسكن أصلاً؟
في جولة لنا داخل الفندق ومحيطه، كان يمكن معاينة الوضع المزري لهذا المبنى وغرفه وأثاثه والمنتفعات التابعة له.
في هذا السياق، يقول دانيال نصر الدين لـ"نداء الوطن" إنّ "حزب الله قام بتلبية كلّ اللوازم المطلوبة ومع ذلك هناك امتعاض من قبل بعض النازحين"، مناشداً حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري فتح أبواب المركز التابع لمصرف لبنان في هذه المرحلة الصعبة. وبالرغم من هذه المآسي التي تفتك بهم، يشير أحد النازحين الساكنين في الفندق إلى أنّ "المقاومة تستحق أن يبذلوا حياتهم في سبيلها"، معتبراً أنّ حياتهم "ليست أغلى من حياة أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله".
أمّا الواضح، أنّه وبالرغم من أجواء "التشتت" الفكري والمعنوي، فإنّ عودة هؤلاء النازحين إلى منازلهم مستحيلة، وبالتالي إن لبنان بانتظار مرحلة جديدة قد تكون الفصل في السّيناريوات المحتملة، وبذلك تبقى الجبهة مفتوحة على مصراعيها بين التهدئة المتبوعة بتسوية شاملة، أو الانتحار.