تناولوا الشوكولا السوداء كي تهربوا من الاكتئاب

12 : 03

كشفت دراسة جديدة أن أعراض الاكتئاب تتراجع تزامناً مع تناول الشوكولا السوداء. لكن ما معنى هذه النتائج وهل يمكن الوثوق بها؟ تُعتبر الشوكولا وجبة ثانوية نظراً إلى ارتفاع كمية السكر والدهون فيها ويضطر الناس للتلذذ بكميات معتدلة منها. لكن يحرص المستهلكون والخبراء على استكشاف خفايا هذا المنتج المدهش. جاءت أحدث إضافة إلى الأبحاث المرتبطة بالشوكولا من جامعة "كوليدج لندن" في بريطانيا. تعاون الباحثون فيها مع علماء من جامعة "كالغاري" و"خدمات ألبرتا الصحية" في كندا. حمل البيان الصحافي الصادر عن جامعة "كوليدج لندن" عنوان "من يأكل الشوكولا السوداء لن يتعرض للاكتئاب بقدر غيره!"، وهو افتراض جريء طبعاً. نشر العلماء استنتاجاتهم في مجلة "الاكتئاب والقلق".

الاكتئاب موضوع بالغ الأهمية عالمياً، والحلول الشائعة حالياً ترتكز على العلاج بمضادات الاكتئاب التي لا تعطي مفعولاً إيجابياً في جميع الحالات. إيجاد مقاربات مرتبطة بأسلوب الحياة لتحسين أعراض الاكتئاب على رأس الأولويات إذاً. يبدو أن النشاط الجسدي يفيد بعض المصابين بالاكتئاب، لكنه لا يساعد الجميع ولا يتمتع الناس كلهم بالقدرة الجسدية اللازمة لممارسة الرياضة أصلاً.

عمد العلماء في الدراسة الجديدة إلى مراعاة عدد كبير من المتغيرات المؤثرة، منها الوزن، والطول، والوضع الاجتماعي، والتربية، والانتماء العرقي، والدخل، ومستوى التعليم، وعادة التدخين، ومشاكل صحية أخرى. كذلك، حللوا خصائص الشوكولا السوداء وغير السوداء بشكلٍ منفصل.

أخذ الباحثون بياناتهم من "الاستطلاع الأميركي للصحة الوطنية والفحص الغذائي". وبعد إقصاء المصابين بالسكري أو أصحاب الوزن الناقص، شارك في البحث 13626 شخصاً في العشرين وما فوق.

قيّم العلماء أعراض الاكتئاب استناداً إلى "استبيان صحة المرضى" (أداة تشخيصية نموذجية لقياس اضطرابات الصحة النفسية).

اشتقّت المعلومات المرتبطة باستهلاك الشوكولا من مذكرتَين غذائيتَين على مدار الساعة. حضّر فريق البحث المذكّرة الأولى عبر مقابلات مباشرة مع المشاركين، بينما أعدّوا الثانية عبر مقابلة هاتفية بعد فترة تراوحت بين 3 و10 أيام.

في المُحصّلة، ذكر 1332 مشارِكاً (11.1%) أنهم يأكلون الشوكولا، واستهلك 148 فرداً منهم الشوكولا السوداء تحديداً. كان مستهلكو الشوكولا في معظمهم من أصحاب البشرة البيضاء غير اللاتين وكانوا يجنون دخلاً أُسَرياً أعلى من غيرهم، كما لوحظ أنهم أقل ميلاً إلى التدخين أو البدانة. بعد مراعاة المتغيرات المؤثرة، استنتج العلماء عدم وجود رابط بين استهلاك الشوكولا وتراجع أعراض الاكتئاب. لكن تغيّرت المعطيات حين ركّزوا على الشوكولا السوداء تحديداً. كتب الباحثون: "تراجع احتمال نشوء أعراض الاكتئاب البارزة عيادياً بنسبة 70% لدى من استهلكوا الشوكولا السوداء، مقارنةً بمن لم يأكلوا أي كمية منها".

تبيّن أيضاً أن استهلاك أكبر كمية من الشوكولا، بغض النظر عن نوعها، تزامن مع تراجع أعراض الاكتئاب مقارنةً بالامتناع عن أكل الشوكولا نهائياً.

نتائج إيجابية؟

ربما تشيد وسائل الإعلام بهذه النتائج باعتبارها أنباء ممتازة لمحبّي الشوكولا، لكن يدعو الباحثون إلى توخي الحذر. ترتكز هذه الدراسة على المراقبة، لذا لا يمكن أن يجزم أحد بأن الشوكولا تُخفف الاكتئاب.

أوضحت المشرفة الرئيسة سارة جاكسون من جامعة "كوليدج لندن": "لا بد من إجراء أبحاث إضافية لتوضيح حقيقة العلاقة السببية المحتملة. ربما يخسر الناس رغبتهم في أكل الشوكولا بسبب الاكتئاب، أو يتأثرون بعوامل أخرى تجعلهم أقل ميلاً إلى تناول الشوكولا والتعرّض للاكتئاب".

وحتى لو رصدت الأبحاث المستقبلية علاقة سببية واضحة، يجب أن يجري العلماء برأيها دراسات أخرى لفهم الآلية البيولوجية الناشطة وتحديد نوع الشوكولا والكمية اللازمة للوقاية من الاكتئاب والتحكم به.

بعيداً من مسألة الرابط السببي، كان لافتاً أن يستهلك 148 شخصاً فقط الشوكولا السوداء (وهي عيّنة صغيرة نسبياً)، مع أن الدراسة شملت أكثر من 13 ألف فرد. كذلك، اكتفى الباحثون بتدوين الكميات المستهلكة على فترتَين من 24 ساعة، ولا يعكس هذا النمط بالضرورة الكميات النموذجية التي يستهلكها الفرد خلال أسبوع، فكيف بالحري خلال أشهر أو سنوات؟

في النهاية، تضيف هذه النتائج معطيات جديدة إلى مجموعة مختلطة نسبياً من الاستنتاجات. بالتالي، يمكن أن تُخفف الشوكولا السوداء أعراض الاكتئاب وقد لا تفعل. بانتظار نتائج أبحاث إضافية، يبقى الاعتدال أفضل حل على الأرجح!


MISS 3