ودّع الوسط الفني المصري وجمهوره العريض الممثل مصطفى فهمي، الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض الذي واجهه بصمت وتكتّم في الأشهر الأخيرة من حياته، ليختتم مشواراً فنياً استمر عقوداً طويلة قدم خلالها أعمالاً ستخلّد ذكراه. جرت مراسم تشييع الجثمان في مسجد النيل بالدقي في القاهرة، قبل أن يُدفن في مقابر العائلة في مدينة السادس من أكتوبر.
وُصف الفنان الراحل بـ"الدونجوان"، لما جمعه من وسامة وأناقة، وشكّل مع شقيقه الأكبر حسين فهمي، ثنائياً لامعاً في عالم السينما المصرية، رغم أن الأخير بدأ مشواره الفني قبله. وفهمي ذو الأصول الشركسية، وُلد عام 1942، في أسرة أرستقراطية، فهو حفيد محمد باشا فهمي رئيس مجلس الشورى الأسبق، ووالده محمود باشا فهمي الذي عمل سكرتيراً لمجلس الشورى، كما أن جدته أمينة هانم المانسترلي.
مصوّر بموهبة ممثّل
درس الفنان الراحل في المعهد العالي للسينما في قسم التصوير، ليبدأ مشواره المهني مساعداً للتصوير مع فيلم "أميرة حبي أنا" عام 1974 من بطولة شقيقه حسين والممثلة سعاد حسني. لكنّ المخرج عاطف سالم كان له الفضل في توجيهه نحو التمثيل، إذ أقنعه بخوض هذه التجربة للمرّة الأولى في فيلم "أين عقلي"، وبرز بعدها كنجم لَمَع اسمه في سلسلة من الأعمال السينمائية، مثل "المليونيرة النشالة"، "الندم"، "امرأة في دمي"، "الملاعين"، "أيام في الحلال"، و "الوردة الحمراء". كما تألق في مجال الدراما التلفزيونية إذ قدّم مسلسلات مثل "برديس" و "الحب وأشياء أخرى" و "دموع في عيون وقحة" و "سيادة الوزير" و "مملكة يوسف المغربي" و "مليكة".
حب بمرارة الانفصال
وقع الكثير من النساء في حب الفنان مصطفى فهمي سراً وعلانية، لكنه عرف ثلاث تجارب زواج متباينة. الأولى كانت من سيدة إيطالية تُدعى كارميلا في بداية مشواره الفني، أنجب منها ولدين، عمر ودينا. ثم تزوّج لاحقاً بالفنانة رانيا فريد شوقي عام 2007، لكنّ علاقتهما كانت مضطربة، وتكررت الانفصالات حتى انتهت بالطلاق النهائي عام 2012 من دون إنجاب. أما زواجه الثالث فكان من الإعلامية اللبنانية فاتن موسى، والذي بدأ بحب رغم فارق العمر، لكنه انتهى بعد 6 سنوات بخلافات حادة، حيث فوجئت موسى بطلاقها غيابياً خلال وجودها خارج مصر.
عانى فهمي منذ آب الماضي من تدهور في حالته الصحية، وخضع لجراحة دقيقة في المخ لإزالة ورم. ورغم عودته إلى المنزل لفترة قصيرة، إلا أن وضعه ساء تدريجياً حتى وافته المنية.
ووقع خبر وفاته كالصاعقة على نجوم الفن المصري المشاركين بفعاليات مهرجان الجونة السينمائي والذين ودّعوا منذ يومين زميلهم الفنان حسن يوسف. وللمناسبة رثت إدارة المهرجان "الأيقونتين اللذين لا يزالان جزءاً لا يتجزأ من الفن المصري"، وطالب الشريك المؤسس والمدير التنفيذي، عمرو منسي، الحضور بالوقوف دقيقة صمت تكريماً لروحي الممثلين الأسطوريين الراحلين حسن يوسف، ومصطفى فهمي.
النجوم ينعونه
ونعاه عدد كبير من الفنانين والشخصيات الثقافية، منهم وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو الذي عبّر عن خسارة مصر لأحد أهم مبدعيها، كما نعاه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ونقابة المهن السينمائية.
وما إن أعلنت نقابة المهن التمثيلية وفاة الممثل القدير حتى امتلأت صفحات السوشيل ميديا برسائل التعزية وصور ذكريات من مشاهد قدّمها خلال مسيرته، لتبقى روحه حاضرة في ذاكرة الفن المصري كأحد الدونجوانات التي لن تُنسى.
وأبرز من نعاه من الممثلين كريم عبد العزيز، محمد عادل إمام، وأحمد السقا، والسيناريست عمرو محمود ياسين. ومن رفاق الدرب النجمتان يسرا وناديا الجندي.