تركت الحرب الدائرة تداعياتها على الجناح السياسي لـ"حزب اللّه"، على غرار الضربات المتتالية التي يتلقّاها جسمه العسكري. انقطع التواصل مع قيادته السياسية طوال أيام وأسابيع، وشلّت حركة نوّابه على وقع المخاوف الأمنية، وانتقال بعضهم إلى أماكن أخرى، بعد استهداف بلداتهم الجنوبية والبقاعية، ومحيط سكنهم في الضاحية الجنوبية.
في الأيام الأخيرة، أراد الحزب القول إن شيئاً ما تغيّر. وإنّ بنية الحزب التي تلقّت الضربات القاسية، بدأت تلملم جراحها، وتعيد وصل ما انقطع. هذا ما قصد نوّاب "الوفاء للمقاومة" إظهاره من خلال لقاء وفد منتدب منهم يمثّل الكتل السياسية في إحدى قاعات مجلس النواب. والبداية كانت مع "لبنان القوي"، "الاعتدال" و"التنمية والتحرير" في اليوم الأول، ومع "اللقاء الديموقراطي" في اليوم الثاني. وتشير المعلومات في هذا السياق، إلى أن لقاءات أخرى ستعقد في الأيام المقبلة مع كتل أخرى، وأنّ المواعيد في طور التحديد.
في المرحلة السابقة، طرحت علامات استفهام عدة عن مصير نواب الحزب. غاب العديد من بينهم عن السمع والصورة. وحاذروا التواجد في اجتماعات يعلن عنها سابقاً.
لم يحضر أيّ من نواب الحزب إلى جلسة انتخاب اللجان النيابية وهيئة مكتب مجلس النواب غير المنعقدة في 22 تشرين الأول، بينما شوهد النائبان علي المقداد وأمين شري في الاجتماع السريع للجنة الصحة النيابية.
فماذا تغيّر الآن؟
1- أتت اللقاءات بطلب من نواب الحزب بعد شهر ونصف من الانقطاع.
2- أراد النوّاب القول لمن التقوهم "إننا عدنا إلى الانتظام وممارسة مهامنا بعدما استعدنا منصب الأمين العام وأعدنا تنظيم الهيكلية الحزبية".
3- لم يحمل نوّاب الحزب رسالة محدّدة أو طلباً معيّناً، إنما استهلّوا لقاءاتهم بشكر من التقوهم على احتضان النازحين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.
"اللقاء لم يتطرّق بالعمق إلى الشؤون السياسية بل كان اجتماعاً سريعاً للاطمئنان وإعلان العودة إلى الساحة السياسية"
ماذا قيل في اللقاءات؟
العناوين السابقة الذكر تكرّرت في اللقاءات التي عقدت حتى الآن، والتي أكد على هامشها نوّاب الحزب "ثقتهم بالقدرة على الصمود الميداني على الرغم من كلّ شيء" حسبما قال أحد النواب غير الحزبيين لـ"نداء الوطن".
وتشير المعلومات إلى أن كتلة "الوفاء للمقاومة" ستطلب مواعيد من كل الكتل، فهل ستلبّي "الجمهورية القوية" الطلب؟ يقول النائب جورج عدوان لـ"نداء الوطن": "لم يتمّ التواصل معنا حتى اللحظة، وعندما يحصل ذلك، نبني على الشيء مقتضاه".
أما "نواب التغيير" بمختلف تلاوينهم، فمنفتحون بدورهم على اللقاء. وتقول النائبة بولا يعقوبيان لـ"نداء الوطن": "نحن حاضرون في شكل دائم في مجلس النواب، فأهلاً وسهلاً بالزملاء. ويا ليت هذا اللقاء يشكّل فاتحة الانتقال إلى قاعة الهيئة العامة لانتخاب رئيس للجمهورية".
وبينما يسود الفتور العلاقة بين حليفي الأمس "حزب اللّه" و"التيار الوطني الحرّ"، لفت النائب سيزار أبي خليل في تصريح لـ"نداء الوطن" إلى أن "اللقاء لم يتطرّق بالعمق إلى الشؤون السياسية، بل كان اجتماعاً سريعاً للاطمئنان، وإعلان العودة إلى الساحة السياسية".
إذاً، لا يمكن تحميل حراك "الوفاء للمقاومة" أكثر ممّا يحتمل. علماً أنّ نواب "حزب اللّه" لا يخفون خشيتهم من همّ أساسي يقلقهم وهو ملف النازحين أو المهجّرين اللبنانيين من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. وهو ملفّ سيزداد ثقلاً وأعباء وتبعات، إذا ما طال أمد الحرب، وإذا لم يقترن اليوم الثاني لوقف إطلاق النار، مع خطة واضحة للإيواء والعودة. وهي خطوات تحتاج إلى تمويل دولي، لن يتأمّن إلّا بضوء أخضر سياسي.
بعد المجاملة والقول "نحن هنا"، كيف سيتصرّف الحزب مع ما سيأتي؟ وهل ستسهم "انتكاسة الحرب" في تليين موقف "حزب اللّه" من مقاربة الملف الرئاسي؟ أسئلة ستتبلور إجابتها وفق مشهدية الأيام المقبلة.