شَهد القطاع الخاص في تشرين الأوّل 2024 أسوأ أداء له منذ أكثر من 3 سنوات ونصف، إذ أظهر مؤشر مديري المشتريات الرئيسي تدهوراً حاداً في نشاطه. ويعود هذا التراجع إلى ازدياد الضغوط الناتجة عن الحرب المستمرة بين إسرائيل و"حزب الله" التي ألقت بظلالها على مختلف جوانب الاقتصاد.
أشار مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك "لبنان والمهجر" التابع لـ"ستاندرد آند بورز" إلى تدهور النشاط الإقتصادي في القطاع الخاص اللبناني، بأسرع وتيرة له في أكثر من 3 سنوات ونصف خلال شهر تشرين الأول 2024. وسجّلت مؤشرات الإنتاج والطلبيات الجديدة-وخصوصاً الأعمال الواردة من العملاء الدوليين- تراجعاً حاداً، نتيجة لتوسّع نطاق الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" في مختلف أنحاء لبنان. كما أثّر انقطاع سلاسل التوريد سلباً على الأنشطة الشرائيّة ومخزونات الشركات، مما أدّى إلى تراجع ملحوظ في ثقة الشركات، بسبب المخاوف من استمرار المواجهات العسكرية أو تصاعد حدّتها.
ارتفاع الأسعار
أظهرت بيانات المسح الأخيرة، وفق التقرير، زيادة في الضغوط التضخميّة على الأسعار نتيجة لتصاعد الصراع، حيث أفادت التقارير بأن الموردين قد رفعوا أتعابهم، ما دفع شركات القطاع الخاص إلى رفع أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ.
وانخفض مؤشر مديري المشتريات بمقدار نقطتين من 47 نقطة في أيلول 2024 إلى 45 نقطة في تشرين الأول 2024، وهي أدنى قراءة منذ أكثر من 3 سنوات. ويُعزى هذا الإنخفاض الكبير إلى تراجع مستوى الطلب بشكل رئيسي من العملاء الدوليين، حيث شهدت الطلبيات الجديدة للتصدير انخفاضاً ملحوظاً خلال الشهر الماضي. وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن العملاء الدوليين تراجعوا عن تقديم طلبيات جديدة، ليس فقط بسبب الحرب في لبنان، بل نتيجة للصراع في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. وكان هذا الانخفاض في مبيعات التصدير هو الأكثر وضوحاً منذ أيار 2020.
انخفاض التوظيف
على صعيد التوظيف، شهِد القطاع الخاص انخفاضاً في أعداد الموظفين بسبب انكماش الأعمال الجديدة الواردة، لكن هذا الانخفاض كان طفيفاً نسبياً بشكل عام. ومع ذلك، استُنفدت الأعمال غير المنجزة بأعلى معدّل لها في أكثر من عامين ونصف، نتيجة للضعف الملحوظ في مستوى الطلب.
من جهة العرض، أظهرت بيانات المسح لشهر تشرين الأول أنّ الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" قد تسبّبت في انقطاع سلاسل التوريد، مما أدّى إلى تأخير مواعيد تسليم الموردين بأعلى معدل منذ آذار 2023. وسبَّب هذا التأخير في حركة السلع- وخصوصاً عبر وسائل النقل البري- إعاقة كبيرة في تدفق الإمدادات. كما خفضت الشركات اللبنانية أنشطتها الشرائية بأعلى معدل منذ تموز 2021 بسبب المخاوف الأمنيّة، ممّا أسفر عن تراجع مخزون المشتريات بأعلى معدل في أكثر من 4 أعوام. ولجأت بعض الشركات إلى استخدام المخزونات المتاحة لتعويض نقص المواد في السوق.
ارتفاع أسعار المشتريّات
وأفاد المشاركون في الإستطلاع أيضاً بارتفاع أسعار المشتريَات التي تتحمّلها الشركات اللبنانية، نتيجة لزيادة أتعاب الموردين بسبب الحرب، حيث سجّل معدل التضخم العام لأسعار مُستلزمات الإنتاج أعلى مستوى له في 19 شهراً. وفي ظل هذه الظروف، رفعت شركات القطاع الخاص أسعار السلع والخدمات بأعلى معدل في أكثر من عام ونصف.
وأخيراً، تراجعت ثقة الشركات إلى أدنى مستوى لها في 16 شهراً، بسبب المخاوف من تأثير استمرار الحرب بين إسرائيل و"حزب الله" على توقعات الإنتاج المستقبلي.
وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات لشهر تشرين الأول 2024، قال المدير العام لبنك "لبنان والمهجر"، فادي عسيران: "من المؤلم أن نظرة شركات القطاع الخاص اللبناني تظل تشاؤمية في شأن توقعات النشاط التجاري خلال العام المقبل، حيث يتوقع 84 في المائة من المشاركين في الاستطلاع تراجعاً في مستوى النشاط التجاري خلال الإثنيْ عشر شهراً المقبلة".