جاد حداد

Proud Mary... قوّة التمثيل تشفع

4 أيلول 2020

02 : 00

لا يستحق فيلم Proud Mary (ماري الفخورة) تقاعص شركة الإنتاج في تعاملها معه! يمكن اعتباره عملاً جيداً وقابلاً للنجاح لولا عيوبه المُخيّبة للآمال. تتركز تلك العيوب كلها خلف الكواليس، بدءاً من التصوير السينمائي المريع الذي يتولاه دان لوستين. لم تعد الأفلام المعاصرة تبث الأضواء بطريقة مُخططة منذ العام 1984، لكن يبدو الفيلم مهووساً بهذه المقاربة. الإضاءة مصدر إلهاء مزعج لدرجة أن يبدو وجه داني غلوفر مخططاً خلال أفضل مشهد يقدّمه. تكثر المقالات حول عجز هوليوود عن استعمال الإضاءة المناسبة مع أصحاب البشرة السوداء، لكن بما أن لوستين صوّر فيلمَي Mimic (التقليد) وThe Shape of Water (شكل المياه) أيضاً، من الواضح أن الإضاءة في هذا الفيلم هي مجرّد خيار شائب.

يطرح المونتاج مشكلة أخرى، إذ تنتهي معظم مشاهد الحركة (وحتى المشاهد الدرامية) قبل اللزوم. الإيقاع مزعج وسريع: في مناسبات متكررة، يكون التمثيل أو التشويق متقناً لدرجة أن نرغب في أن تطول هذه المشاهد. يضفي كتّاب السيناريو ستيف أنتين وجون ستيوارت نيومان وكريستيان سويغال أجواءً درامية تفوق ما تشمله أفلام الحركة النموذجية، ومع ذلك يُضعِف بناء الفيلم قدرات الممثلين. ينجح المخرج باباك ناجافي في تصحيح مشكلة الإيقاع حين تبلغ مشاهد الحركة ذروتها ويقدم أداءً ممتازاً فيها لكن بعد فوات الأوان.





عندما يتعثر الفيلم، تقوم الممثلة الموهوبة تاراجي هانسون برفع مستوى العمل، فتحمله على كتفَيها حرفياً. من الممتع أن نشاهدها في مختلف المشاهد التي تقدمها. هانسون ممثلة تتكل في أدائها على حركة جسمها كله. في هذا الفيلم، تؤدي دور قاتلة قوية تترافق غريزة الأمومة لديها مع مشاعر ذنب غير متوقعة. تشتق هذه الأحاسيس المتناقضة على ما يبدو من روحها الدفينة. سنشاهد كيف تنهار موقتاً في أحضان حبيبها السابق قبل أن تسترجع توازنها، أو كيف تتأثر حين تخبر "داني" (جاهي ديالو وينستون)، ابن الرجل الذي قتلته، عما يجب أن يفعله في حال موتها، أو كيف تضرب الناس بلامبالاة وببرودة تشبه أداء أرنولد شوارزنيغر أو سيلفستر ستالون. تقدم هانسون مشاهد نقاشاتها مع "داني" باحترافية عالية ومع نفحة كوميدية متوازنة، كما أنها تختار اللحظات المناسبة كي تترك وينستون يخطف الأنظار في مشاهدهما المشتركة. يسهل أن نشعر بأنها قدّمت هذا المشروع بكل شغف كونها ملتزمة به لأقصى الدرجات، حتى لو خذلها الفيلم في لحظات كثيرة.

بالإضافة إلى وينستون الذي يتميز بقلة نضجه في هذا الدور، يتّسم الفيلم بأداء قوي من بيلي براون بدور الحبيب السابق الآنف ذكره، وداني غلوفر بدور "بيني" في شخصية شبيهة بـ"العراب"، فيُكرّس بذلك عودته إلى الأدوار الشريرة. تتمحور أفضل لحظات الفيلم حول استكشاف الجوانب العاطفية المعقدة بين الشخصيات. ترتكز معظم قصة "ماري" على محاولاتها إخفاء خياناتها عن الأشخاص الذين تهتم لأمرهم، لا سيما "داني". يكون والد "داني" أول ضحية تستهدفه "ماري" ثم يؤنبها ضميرها لأنها تركت ابنه يتيماً وتخشى في الوقت نفسه أن يكتشف الابن علاقتها بمقتل والده. حين يكشف "بيني" حقيقة "ماري" أمام "داني"، يقدم غلوفر أداءً مدهشاً يُذكّرنا بشخصية "بيل سكايز" الساحرة في قصة "أوليفر تويست".

تكثر الأحداث في Proud Mary لدرجة أن نتمنى تكرار العمل مع إحداث التعديلات اللازمة، أبرزها استبدال المصور السينمائي مثلاً بإرنست ديكرسون المعروف من فيلم All the Money in the World (جميع أموال العالم)، أو الاستعانة بفريق المونتاج من فيلم Baby Driver (السائق الطفل). لكن لن يتحقق ذلك للأسف. يمكن انتقاد سلبيات العمل، لكنه يبقى ممتعاً لكل محبي هانسون. إذا حقق الفيلم النجاح رغم جميع عيوبه، قد تحرص شركة الإنتاج "سكرين جيمز" على إتمام واجباتها في المرة المقبلة!


MISS 3