محمد دهشة

هنيّة على الأكتاف في "عين الحلوة": المخيّمات قِلاع صمود ومقاومة

7 أيلول 2020

02 : 00

نصرالله مستقبلاً هنيّة والوفد المرافق

في زيارة استثنائية الى مخيّم عين الحلوة، لأرفع مسؤول فلسطيني، أطلق رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنيّة سلسلة مواقف، حملت رسائل سياسية باتّجاهات مختلفة، فلسطينية لبنانية وعربية وعسكرية الى العدوّ الإسرائيلي، تبدأ بـ"لن نعترف باسرائيل"، ولا تنتهي بـ"عهد الرجال وعهدة الشهداء"، وما بينهما من التمسّك بالمقاومة، وبالثوابث الوطنية على قاعدة "لا تنازل ولا تفريط ولا تراجع"، بعد اللاءات الثلاث: "لا للتوطين، لا للتهجير ولا للوطن البديل"، وصولاً الى "رفض التطبيع المعزول والذي لا يمثّل شعوب الأمة وضميرها ونبضها وتاريخها وصوتها".

الزيارة تمّت وسط تدابير فرضها الجيش اللبناني عند مداخل المخيّم وفي محيطه، حيث سيّر دوريات كثيفة، ووسط إجراءات أمنية مشدّدة داخله اتّخذتها حركة "حماس" للمرّة الأولى بشكلها وحجمها، ناهيك عن استقبال فصائلي وشعبي لم يشهده المخيم منذ عقود، تُرجم بحَملِ هنيّة على الأكتاف، من المدخل الغربي لجهة حسبة صيدا الى قاعة مسجد "خالد بن الوليد"، ونثر الرز والورود على طول الطريق، وإطلاق الهتافات المؤيّدة للمقاومة، والأهمّ مشاركة وفد من حركة "فتح" في الإستقبال، تقدّمه عضو قيادة الساحة اللواء منير المقدح وأمين سرّ منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة، الى جانب فصائل "منظّمة التحرير الفلسطينية" وتحالف القوى الإسلامية ولجان الأحياء ولجنة تجّار السوق والفاعليات وأبناء المخيمّ.

وحرص هنيّة والوفد القيادي "الحمساوي" المُرافق على القيام بجولة ميدانية في شوارع المخيّم وسوق الخضار، وتفقّد بعض المنازل والتقى عائلاتها، واستمع منهم باهتمام الى معاناتهم وآمالهم، ودخل أزقّة ضيقة، وحيّا النساء والرجال وكبار السنّ، وقبّل أيادي الأطفال قبل أن يلتقط صور "السلفي" مع عدد من الشباب ومستقبليه، رافعاً شارة النصر، مُجدّداً التأكيد "بأنّنا لن نعترف باسرائيل ولن نتنازل عن ثوابتنا وعن حقوقنا وحقّ العودة الذي هو حقّ مقدس"، معتبراً أنّ "هذه المخيّمات قِلاع صمود ومقاومة تعاني، تتألّم وتجوع ويقسو عليها الزمن والإجراءات والسياسات، فقيرة المال لكنّها غنية العزّة والكرامة، وهي رمز الثبات والقضية والمقاومة".

وفي مستهلّ لقائه السياسي والشعبي في قاعة "خالد بن الوليد"، رحّب مسؤول العلاقات السياسية لحركة "حماس" في منطقة صيدا أيمن شناعة بالزيارة في مخيّم "الشهداء"، الذي دمّر ابّان الإجتياح الإسرائيلي للبنان، وبقي عاصمة للشتات الفلسطيني ونموذجاً للوحدة والتلاقي في سنوات الفرقة والإنقسام، قبل أن يطلب من المشاركين رفع السبابة، وأداء القسم "نقسم بالله أن نكون جنوداً لتحرير كلّ فلسطين، ونحفظ الاقصى بدمائنا ونتمسّك بحقّ العودة الى كلّ فلسطين وأن نلبّي نداء القائد هنيّة لن نعترف بإسرائيل".

بينما قال هنيّة "إنّ سرايا القسّام هي التي تُحدّد مسار مقاومتها"، مُعتبراً أنّ "حماس" طوّرت منظومة سلاحها، وباتت تملك الصواريخ وقد دكّت بها تل ابيب وما بعد تل ابيب"، قائلاً: "إخوانكم في المقاومة لا يعدون فقط من أجل الدفاع عن أنفسهم والردع، بل من أجل الدفاع عن الشعب والقضية والعودة وبناء الدولة على كامل أرض فلسطين"، مُضيفاً "اننا نعيش بتحدّيات البقاء والصمود، لا تحدّيات الزوال أو الهبوط، امامنا تحديات وصعوبات ومشوار معمّد بالدم والنار، دماؤنا التي سالت من العدوّ رسمت خريطة فلسطين على الجدران وصواريخ المقاومة كانت ردّاً لترسم خريطة فلسطين على الأرض والميدان".

وأضاف هنيّة: "المشهد قد يبدو ملتبساً سياسياً وميدانياً، من صفقة القرن والضمّ والتطبيع، والمحتلّ الإسرائيلي أصبحت يده عليا ومسيطراً، وقطار التطبيع يرسو في بعض الدول، لكنّه بالتأكيد لا يمثّل شعوب الأمّة وضميرها ونبضها وتاريخها وصوتها، هذا المسار معزول عن حركات التاريخ. إنّ فلسطين بالرغم من كلّ محاولات التعرية السياسية وطمس الهوية، ما زالت تدخل في ضمير شعوب الأمّة وأحرارها".

وأطلق هنيّة عهداً جديداً هو "عهد الرجال وعهدة الشهداء"، بأنّنا لن نعترف بإسرائيل، ولن نتنازل عن ثوابثنا وعن حقوقنا وحقّ العودة الذي هو حقّ مقدس، ولا يحقّ لأي فصيل أو منظّمة أو مؤسّسة أو زعيم أن يتنازل عنه، ولا نقبل بعودة مئة ألف أو مئتي ألف لاجئ الى الضفّة وغزّة أو الى دولة حدودها الـ 67، إن شاء الله نُقيم هذه الدولة، على طريق دولة كلّ فلسطين، نؤكّد على ثوابتنا بالعودة الى كلّ فلسطين"، مُضيفاً: "الأرض لنا وسنعود الى كلّ أرضنا، وهذا عهدنا مع الله ومع كلّ شهدائنا وشعبنا ومقاتلينا ومقاومتنا، انّه لا تنازل ولا تفريط ولا تراجع تحت أي ظرف من الظروف، ونقول لكم من عين الحلوة، بأننا على يقين بالنصر وبعودتنا مهما كانت التضحيات والصعوبات والعقبات، فالأرض لنا وفلسطين لنا والقدس لنا والكلّ لنا والله بقوته معنا".

لقاء نصرالله

وزار هنيّة والوفد المرافق له الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، حيث جرى استعراض مجمل التطورات السياسية والعسكرية في فلسطين ولبنان والمنطقة، وما تواجهه القضية الفلسطينية من أخطار، خصوصاً صفقة القرن ومشاريع التطبيع الرسمي العربي مع الكيان الغاصب ومسؤولية الأمّة. وتمّ التأكيد على ثبات مِحور المقاومة وصلابته في مواجهة كلّ الضغوط والتهديدات والآمال الكبيرة المعقودة عليه وعلى متانة العلاقة بين "حزب الله" وحركة "حماس" والقائمة على أسس الإيمان والأخوة والجهاد والمصير الواحد، وتطوير آليات التعاون والتنسيق بين الطرفين.


MISS 3