الأسد يتباكى على فلسطين ولبنان

"قمة الرياض" تُحاصر تل أبيب بـ "خطوط حمر"

ولي العهد السعودي ملقياً كلمته خلال القمة أمس (واس)

في وقت كانت فيه القوات الإسرائيلية تدفع بدباباتها للتوغّل في الجانب الغربي من مخيّم النصيرات في وسط قطاع غزة، وجّهت "قمة الرياض" غير العادية التي احتضنت قادة ومسؤولين من 50 دولة عربية وإسلامية، رسائل سياسية صارمة، مُحاصرة الدولة العبرية بـ "خطوط حمر" لا تستطيع تخطّيها إذا ما أرادت فعلاً بناء علاقات طبيعية مع محيطها العربي والإسلامي مستقبلاً، وحاشدةً الدعم الدولي لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والكيانات التابعة لها.



وأعاد البيان الختامي للقمة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، التأكيد أن لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من كلّ الأراضي العربية المحتلّة حتّى خط الرابع من حزيران 1967، مجدّداً التمسّك بـ"سيادة دولة فلسطين الكاملة على القدس الشرقية المحتلّة، عاصمة فلسطين الأبدية". ودان البيان "الإجراءات العدوانية" الإسرائيلية التي تستهدف المقدّسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وتغيير هويّتها، مطالباً المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقفها.



كما اتهم الجيش الإسرائيلي بارتكاب "إبادة جماعية"، متحدّثاً عن "المقابر الجماعية وجريمة التعذيب والإعدام الميداني والإخفاء القسري والنهب والتطهير العرقي"، خصوصاً في شمال القطاع. وإذ طالب القادة بحظر تصدير أو نقل الأسلحة والذخائر إلى الدولة العبرية، دانوا "الهجوم المتواصل لسلطات الاحتلال وممثليها على الأمم المتحدة وأمينها العام" أنطونيو غوتيريش.



وتوالت المواقف الصادرة عن القادة المشاركين في القمة والتي أجمعت على إدانة إسرائيل وانتهاكاتها، والتضامن مع غزة ولبنان، فيما كانت معبّرة مطالبة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بـ "احترام سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة وعدم الاعتداء على أراضيها"، وأكد "أهمية مواصلة جهودنا المشتركة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية".



ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة بسبب مخالفتها للقانون الدولي، مطالباً المجتمع الدولي بوقف "إرهاب المستوطنين ضدّ شعبنا" وفرض عقوبات ضدّ إسرائيل، في حين حذّر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من أن مستقبل المنطقة والعالم أصبح على مفترق طرق، مكرّراً رفضه لمخطّطات التهجير.



وسخر مراقبون من كلمة رئيس النظام السوري بشار الأسد التي اعتبر خلالها أن الأولوية يجب أن تكون لإيقاف المجازر والإبادة والقتل في فلسطين ولبنان، معتبرين أن لا حدود لوقاحة الأسد الذي يتباكى اليوم على ما تفعله إسرائيل بينما تسبّب نظامه المجرم بقتل أكثر من نصف مليون إنسان في حملات "تطهير" مُمنهجة تهجّر ونزح خلالها ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها، فضلاً عن تدمير المدن السورية المعارضة بالبراميل المتفجّرة وغيرها من الوسائل بمساعدة حلفائه الإقليميين. كما أشاروا إلى ما ارتكبه النظام ذاته في حقبتَي "الأسد الأب" و"الأسد الإبن" من جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان على مدى نحو ثلاثة عقود في لبنان.



وبالحديث عن الحلفاء في "محور الممانعة" الذي نشر الدمار والخراب في المنطقة، رأى نائب الرئيس الإيراني محمد رضا عارف أن "العالم ينتظر" من إدارة الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب إنهاء حروب إسرائيل في غزة ولبنان فوراً، معتبراً أن عمليات "القتل المُستهدف" ليست سوى "خروج عن القانون وإرهاب منظّم". وكان ولي العهد السعودي قد عقد اجتماعات منفردة مع كلّ من الأسد والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وغيرهم من قادة دول أخرى.



في المقابل، رأى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة ليس أمراً "واقعيّاً اليوم"، معتبراً أن أي دولة فلسطينية مستقبلية ستكون دولة "حماس"، فيما أمل وزير المال الإسرائيلي المتطرّف بتسلئيل سموتريتش في توسيع بلاده لسيادتها لتشمل الضفة الغربية عام 2025، مؤكداً أنه سيدفع الحكومة نحو التواصل مع إدارة ترامب المقبلة لكسب دعم واشنطن. بالتوازي، كشف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أنه قد تُفرض عقوبات أوروبّية جديدة على المستوطنين الإسرائيليين الذين يتورّطون في أعمال عنف.


وفيما تتكثّف الهجمات الجوّية الإسرائيلية على سوريا، ذكرت وكالة "سانا" أمس أن الطريق الدولي السريع الرئيسي حمص - دمشق قطع موَقتاً بعد قصف إسرائيلي استهدف مركز تجميع للمساعدات للنازحين اللبنانيين جنوب حمص، بينما تحدّث "المرصد السوري" عن استهداف "مستودع للذخيرة" لـ "حزب الله" في منطقة شنشار، مشيراً كذلك إلى استهداف "التحالف الدولي" لنقاط تابعة للميليشيات الموالية لطهران في شرق سوريا، ما أدّى إلى مقتل 4 في منطقة الشبلي وبادية القورية في الميادين.