خالد أبو شقرا

مسلسل "الترقيع" مستمر

9 أيلول 2020

02 : 00

لا يخفف من حدة مشاهد الرعب التي يعرضها "السيرك" اللبناني المفتوح منذ نهاية العام الماضي، إلا ألعاب الخفة التي يقدمها "المركزي" بين الفقرات "الوحشية". فتمرّسه بالهندسات المالية جعله الاقدر على التخفيف من توتر المشاهدين. يرفع قبعته فيُخرج "أرنب تعميم" دعم المشتقات النفطية والدواء والقمح، يصفق المشاهدون بحرارة. ينفض "كمه" فيُخرج "أرنباً" آخر حاملاً سلة غذائية من 300 صنف، القاعة تكاد تنفجر من الحماس. وقبل أن تصل فرحة الدعم إلى القلب، تبدأ "الأرانب السوداء" بالخروج حاملة إشعاراً بنفاد الاحتياطي، فيتوقف الدعم ويتحول إلى بطاقات تموينية على غرار الدول الاشتراكية الغابرة. الحرارة تبرد في القاعة وثقة المشاهدين تلامس الصفر.

فالبطاقة التي ستوزع على العائلات الأكثر فقراً، والذين يقدرون بحسب برنامج دعم الاسر الفقيرة في وزارة الشؤون الاجتماعية "حلا"، بحدود 60 الف أسرة، لن تكون ذات قيمة في ظل الغلاء والارتفاع الهائل المتوقع في الاسعار، بعدما يتحول الطلب الشهري المقدّر بين 800 مليون دولار والمليار دولار إلى السوق السوداء. "وقف الدعم الذي لطالما كان مطلباً محلياً وداخلياً بسبب عشوائيته ورفعه معدلات التهريب وتوسيعه الفجوة بين الاغنياء والفقراء، لا يستبدل بالبطاقات التموينية إنما بالاصلاح الذي يفتح الباب على الوفر والمساعدات الدولية"، تقول مصادر اقتصادية لـ"نداء الوطن"، وتضيف: "سيخرج من يقول في الايام القادمة ان هدف "المركزي" من الدعم كان اعطاء فرصة للدولة للقيام بالاصلاحات المطلوبة، إنما الدولة أخفقت من جديد وبددت الفرصة".

هذه الترنيمة التي رافقت تثبيت سعر الصرف، والهندسات المالية، واقراض الدولة، وتبديد أموال المودعين، ومن ثم الدعم والدعم الاضافي، وصولاً اليوم الى البطاقات التموينية... قد تكون تعبّر عن نية المركزي الصافية تجاه الدولة. إنما وكما يقال في الامثال الشعبية "من جرب المجرّب كان عقلو مخرب". وبالتالي يتحول الرهان على هذه الطبقة السياسية، التي تفاوض وتستبدل الهبات في عز محنة منكوبي إنفجار المرفأ وما زالت تفاوض على حصص الافرقاء السياسيين في الحكومة العتيدة، جريمة بحق الوطن والمواطنين وقطع التمويل عنها واجب وطني.


MISS 3