محمد دهشة

مأساة النزوح

الحرب تُفقد سمر القدرة على المشي

تفترش الشابة الجنوبية، سمر بلوط، الأرض في أحد مراكز الإيواء في مدينة صيدا، وتحديداً في ثانوية الدكتور نزيه البزري الرسمية، بعد أن أجبرها الدمار على النزوح مع عائلتها ومغادرة بلدتهم "جل العرب" في منطقة الزهراني، هرباً من جحيم الغارات الإسرائيلية.

سمر، التي قهرتها ظروف المرض قبل الحرب، باتت عاجزة عن المشي اليوم، بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية على مقربة من منزلها. تحوّل الرعب الذي انتابها إلى قيود تمنع قدميها من الوقوف. بصوت يخنقه الألم تروي لـ "نداء الوطن": "كنا في المنزل حين قصفت إسرائيل المنطقة وسقط شهداء، أدركنا أنه لا مفر من النزوح للنجاة بأرواحنا، وهذا ما فعلناه".

مشهد الدمار حوّل الذكريات الجميلة إلى كوابيس لا تنتهي، تختلط فيها رائحة البارود بعبق التراب المبلل بالدماء. وفي مركز الإيواء، "يجتمع الخوف والبرد والانتظار، حيث تبدو الوجوه باهتة كأطياف تبحث عن بقعة أمان"، تقول سمر بأسى.

وتضيف بلهجة جنوبية متقطعة: "الله يبعتلكِ يا إسرائيل مرض يهدّك، لقد كسرتِ زجاج المنازل كلها، ولم يبقَ أحد في البلدة، الجميع نزحوا وتضررت بيوتهم، لكننا لن نيأس وسنبقى صامدين في كل مكان، وسنرجع إلى بيوتنا قريباً".



عجز عن المشي

على مقربة من سمر، تجلس والدتها حياة ضاهر بلوط بحسرة، وتعرض الأدوية التي تحتاج إليها ابنتها وتكلفتها المادية تفوق قدرة العائلة على تحملها. وتقول لـ "نداء الوطن": "ابنتي مريضة، ولا أستطيع البقاء في منزلنا بسبب القصف. لقد نزحنا بملابسنا فقط، وهنا استُقبلنا بكل ترحاب". تضيف بحرقة: "لم تعد قادرة على المشي، منذ أن قصف الطيران قرب منزلنا وجئنا إلى هنا. نضطر إلى جرّها إلى المرحاض. 



تتساءل الوالدة بألم: "لماذا؟ لأنها عاشت الرعب من الغارات وتحتاج إلى علاج وأدوية دائمة. لقد اشتريت لها أدوية بمئة دولار أميركي، إنها مكلفة ولا قدرة لنا على تحملها والأيام صعبة".



يقول مفوض الجنوب في "الكشاف المسلم"، رامي بشاشة، والذي يشرف على إدارة مركز الإيواء: "إن احتياجات أهلنا الوافدين كثيرة، والإمكانيات ضعيفة. نحاول قدر المستطاع تأمين ما يمكن بالتعاون مع وحدة الكوارث والجمعيات والمؤسسات المدنية، رتبنا الاحتياجات حسب الأولويات، وآمل أن لا يطول النزوح لأن ما يجري مأساة لا تنتهي مهما حاولنا التخفيف منها".