فايز قزي

وعلى سيادتنا اقترعوا

نقرأ في التاريخ القديم، أن لبنان عاش على وقع صراعات وحروب نتجت عن علاقات متوترة بين خرائط وشعوب وأديان تصارعت على ميراث الأنبياء والآلهة التي توالدت وتناسلت وتنافست على أرض موعودة مقدّسة وهيكل ومسجد وكنيسة وعجزت عن تحقيق التفاهم والتعايش في كيانات موّحدة.



ومرَّ الزمن، ليعود اليوم في التاريخ الحديث، ليكتب بدمائنا تجارب شبيهة ولو مُعدّلة بالذكاء الاصطناعي الذي سبق وحوَّله الخميني من ركن إسلامي، اسمه الجهاد، إلى غزو في مقدمة الدستور الإيراني الأخير: "بأن القوات المسلحة الإيرانية لا تنحصر مهمتها بحفظ نظام الثورة الإسلامية في إيران فقط بل نشره في العالم". بعد أن كان قد أفتى باجتهاد هجين في كتابه "الحكومة الإسلامية" "بأن الولي الفقيه يتساوى في الصلاحيات مع أمير المؤمنين ومع النبي محمد".



هذا الاجتهاد الذي استغله لاحقاً بمثابة سلاحٍ شرعي نووي يساوي ويتقدم على النووي العسكري الذي ما زالت إيران اليوم تحاول أن تنجزه.



وبات واضحاً عجز الوسيط الأميركي عن حسم الصراع وتقديم طبق "وقف النار"، فيبقى التحرير جمراً تحت الرماد خاضعاً لشرع الولي وشبق الجائع الصهيوني.



فما أشبه اليوم بالأمس، حيث غسل بيلاطس الروماني يديه من دم المصلوب، وترك اليهود والفريسيين يقترعون على لباسه. واليوم يغسل المندوب الأميركي يديه من هلاك لبنان.



وهكذا نقرأ الصراع بين الفقيه الإيراني ووالي عكا الصهيوني، صراعٌ كبَّل لبنان وأفقده سيادته، وقد يودي به إلى الموت الأكيد، إذا لم ينتفض شعبه ثائراً مطالباً بقيادة جيشه وبسط سلطته على كل الأراضي تحت راية الشرف والتضحية والوفاء وإنفاذاً لقسمه بالحفاظ على علم لبنان وأرضه.



فهل يستعيد لبنان أسطورة الفينيق، الذي يغيب ثم ينبعث من جديد. فالأحلام والرسالات عصيّة على الموت، ولبنان رسالة كرّسها الله وخلّدها الفنانون والشعراء والكتّاب ورفعوها على رفوف التاريخ ولن تعود إلى القبور.