جومانا زغيب

آخر الحكماء الأحياء على الصعيدين العربي والدولي في مجالسه الخاصة

الإبراهيمي: لبنان حالة إنسانية عالمية وحماية الطائف مسؤولية عربية

الملك فهد والأمير عبدالله يستقبلان الزعماء اللبنانيين المشاركين في مؤتمر الطائف (أ.ف.ب)

أعطيت لـ "حرب الإسناد" في عزها أكثر من حجة. وتبيّن أنها كانت خطأ فادحاً، لا بل إنها كانت خطيئة مميتة في بعض جوانبها، ليس بحق لبنان فحسب بل بحق "حزب الله" وبيئته الحاضنة، وتذكر الجميع بعد طول نسيان أو تناسٍ ما نص عليه اتفاق الطائف حول ضرورة "حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم سلاحها إلى الدولة خلال مهلة ستة أشهر"، وذلك بعد نحو ثلاثة عقود ونصف من تاريخ هذا الاتفاق.



وفي الواقع إن هذه الفقرة تحديداً، تم الاستناد إليها كمادة مرجعية في القرارات الدولية ذات الصلة وأخصها القرارات 1701 و 1680 و 1559. وتنبع قوة هذا النص من أنه جاء في إطار وثيقة الوفاق الوطني التي شكلت الصورة الجديدة آنذاك للميثاق الوطني. وتمّ تضمين الدستور بعد الطائف فقرة وردت في مقدمته تنص على أن لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.



وفي هذا الإطار، يقول عضو اللجنة الثلاثية العربية آنذاك، أحد آخر الحكماء الأحياء على الصعيدين العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي والذي مثل الجزائر في اللجنة، إن الطائف شكّل وما زال، أفضل خيار ثابت لاستمرار لبنان الوطن والدولة. وقد جاء الاتفاق نتاج تفكير عميق يكرّس النموذج اللبناني الفريد على قاعدة التنوّع والمساواة بين الأفراد والمكوّنات التي تؤلف الاجتماع اللبناني وفق توازن يتخطى الحسابات والنفوذ.



ويعتبر الإبراهيمي في جلساته التي يعقدها مع قلة قليلة من الأصدقاء اللبنانيين في باريس، أنه لا يمكن البحث عن أي حل خارج إطار الطائف، لأن هذا الاتفاق أكد على لبنان، ليس كبلد تعدّدي يجمع طوائف عدة فحسب، بل على دوره الإنساني الفريد والجامع، الأمر الذي يجعل هذا "اللبنان" يستحق الرعاية الدولية وإحياء الرعاية العربية.



في أي حال، تلتقي معلومات ثقة على التأكيد أن لبنان، وبعد عبور التجربة الحالية، سيكون في صلب الشرق الأوسط الجديد بما يمثله من نموذج واختبار فريد، لا سيّما لجهة إدارة التنوّع والتعددية، في خدمة التطور والتفاعل الحضاري. ويمتلك اللبنانيون، بمسيحييهم ومسلميهم، قدرة متمايزة على تخطي الحواجز وبناء المستقبل بمعزل عن اصطفافات وحسابات طائفية ومذهبية ساهم عهد الوصاية السورية ومن بعده عهد الوصاية الإيرانية في إذكائها لتبرير الهيمنة من جهة، ولتغطية محاولات إلغاء الدور العربي بداعي مواجهة إسرائيل من جهة أخرى.



إن المهم بحسب المعلومات أن يبقى سقف الطائف الذي يلتقي عليه المجتمعان الدولي والعربي قائماً، على أن يتولى اللبنانيون تحت هذا السقف معالجة شؤونهم الداخلية بحرية وهدوء، كي يتوصّلوا إلى صيغة متجددة تسمح باستقرار مستدام يحفظ التنوع ويكرّس لبنان الذي يتمتع بغطاء دولي وعربي يقيه الحروب والأزمات الموسمية.