رلى تلج

لبنان 2022

15 أيلول 2020

02 : 00

منذ انطلاق الإنتفاضة الشعبية في "17 تشرين"، وانفجار الغضب الشعبي بوجه الطبقة الفاسدة، وبالرغم من اختراق السلطة لبعض مجموعات الثورة من أجل تحييدها عن مسارها الصحيح لتصفية حسابات سياسية داخلية، تمكّنت النخب المُنتفضة من تصويب المسار نحو صلب المشكلة، ألا وهو التزاوج بين الفساد والإستبداد. وبالرغم من جميع مناورات أحزاب السلطة وعلى رأسها "حزب الله"، تمكّنت النخب والجماهير الشعبية من عدم الوقوع ضحيّة التشتيت والترهيب والترغيب التي تمارسها تلك الأحزاب وأعوانها في السلطة.

تتطلّب الإنتفاضات الشعبية حدوث تطوّر جذري على الصعيدين الإنساني والفكري الخاص بالفرد والجماعة، قبل أن تتمكّن من أن تتحوّل ثورات سياسية قادرة على تغيير موازين الأمر الواقع في الحكم.

ونلحظ اليوم، أنّه في غضون أشهر منذ انطلاقتها العفوية من دون قيادة، تمكّنت الإنتفاضة من فرز قيادات ونخب قادرة على حمل وتحقيق مشاريع سياسية واعدة توحي بالثقة. غير أنّ المهمة الأصعب تبقى في تخطّي الخوف وسوء التواصل والتشتيت المُمارس من قبل أحزاب السلطة، من خلال اجتماع النخب ومن تمثّل، حول مشاريع سياسية واقعية، تقدّم حلولاً مستدامة، على أن تنطلق تلك المشاريع من قراءة ذاتية لنقاط الضعف والقوة لمجموعات الإنتفاضة وأطر نشاطها.

وتبقى العِبرة في المحتوى الفكري والإنساني لهذه المشاريع، بحيث لا يكفي أن تقوم الإنتفاضة ضدّ طبقة سياسية، بل يجب أن تهدف إلى إحداث تغيير جذري في ثقافة المجتمع اللبناني كي يعتنق قيم مواطنيه، تسمح له بأن ينتقل من مجتمع طائفي يفرز قيادات على أسس طائفية بعيدة من الكفاءة، إلى مجتمع تقدّمي يفرز قيادات ونخباً على أساس القيم الإنسانية التي تمثّلها والنهج المؤسساتي الذي تتّبعه.

إنّ النخب الحالية تعي دقّة المرحلة وضرورة ترشيد عملها النضالي من أجل التحرّر من الفساد والإفساد وتحرير الوطن من الإحتلال الإيراني، وسوف تنتصر إرادة الشعب اللبناني بالرغم من كلّ التحدّيات، بفضل نخبه، وبفضل الدول الصديقة، وبرعاية الله، من أجل إحقاق الحقّ وتأمين السلام المُستدام للبنان وشرق المتوسّط.


MISS 3