أكرم حمدان

ولادة الحكومة نهاية الأسبوع أو الإعتذار... ماذا عن دستورية مشاورات عون؟

15 أيلول 2020

02 : 00

الطبخة الحكومية لم تنضج بعد (دالاتي ونهرا)

"إن شاء الله خير"، بهذه العبارة المقتضبة انتهى لقاء الرئيس المكلف مصطفى اديب مع رئيس الجمهورية ميشال عون امس، في وقت كانت فيه الانظار شاخصة الى قصر بعبدا مشفوعة بآمال في خروج الدخان الحكومي الابيض. غير ان قول اديب للصحافيين انه التقى الرئيس عون "لمزيد من التشاور"، بدّد هذه الآمال وأظهر ان الطبخة الحكومية لم تنضج بعد.

ولعلّ الرئيس المكلّف ظنّ أنّ القوى السياسية استيقظت وستلتزم بما تعهّدت به في منزل السفير الفرنسي أمام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، إلا أن أديب اكتشف سريعاً أنّ الطبقة السياسية في لبنان "تَمسَحَت" ولم يعد ينفع معها شيء، لذلك صعد امس الى بعبدا واضعاً بين يدي رئيس الجمهورية تصوّره الحكومي، لا سيّما لجهة العدد (14 وزيراً) من دون طلب قبولها او رفضها، فتمّت احالتها الى مشاورات باشرها عون ويستكملها اليوم مع رؤساء الكتل النيابية او من يمثلهم، طارحاً عليهم اسئلة محددة تتصل بالمداورة وأحقّية الرئيس المكلّف بتسمية الوزراء.


ووِفق المصادر القريبة من فريق 8 آذار، فإن "رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض أن يسمّي غيره وزيراً لوزارة المال، حتى لو كان الاسم المطروح شيعياً، بل يريد تسميته شخصياً"، وأضافت: "بري صعّد موقفه باسم "الثنائي الشيعي"، وصل الى حد ّسحب الميثاقية من أي حكومة تتشكل".

موقف الثنائي استدعى تحرّكاً خارجياً عبر الاتصالات التي اجراها الرئيس ايمانويل ماكرون، مباشرة او عبر فريق خلية الازمة الموجود في لبنان، ويعمل بعيداً من الاضواء، وداخلياً من خلال لقاء عون واديب.

وأوضحت المصادر أنّ عون "الذي ينهي مشاوراته مع الكتل النيابية اليوم، سيتشاور هاتفياً مع ماكرون، قبل عقد جلسة مع الرئيس المكلّف يتمّ في خلالها حسم الموقف من التشكيلة الحكومية"، وأشارت الى أنّ "سقف ولادة الحكومة نهاية الاسبوع الحالي، والا فإن اديب ذاهب حكماً الى الإعتذار".


وبمعزل عن الأجواء الحكومية، وبعد مشاورات بعبدا طرأ السؤال، هل هذه الخطوة دستورية أم لا وما هي مفاعيلها؟

يقول خبراء القانون والدستور إن خطوة الرئيس عون دستورية بالكامل وهي تدخل في صلب مهامه، لا بل واجباته الدستورية لأن القراءة الدستورية تقول وفقاً لرأي الوزير الأسبق والمحامي زياد بارود ان "مرسوم تشكيل الحكومة يصدر بتوقيع من رئيسي الجمهورية والحكومة، وهذا يعني أنهما يتشاركان في الأمر ويقول نص المادة 53 من الدستور في فقرتها الرابعة ما حرفيته: "يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول إستقالة الوزراء أو إقالتهم".

وعليه فإن الإصدار، حسب بارود ليس شكلياً والتشكيل مسؤولية مشتركة ولا يستطيع أي منهما (الرئيسان) التفرد وإنما يتطلب الأمر الاتفاق بينهما وهكذا جرت العادة.

كذلك فإن صلاحية رئيس الجمهورية في هذا النص ليست مقيدة، كما يقول بارود، كما هي الحال مثلاً في إعلان حالة الطوارئ، حيث أن المرسوم يصدر عن مجلس الوزراء بناء على إنهاء المجلس الأعلى للدفاع، فهنا الصلاحية مقيدة لأنها مبنية على الإنهاء، أما في ملف تشكيل الحكومة، فصلاحية رئيس الجمهورية غير مقيدة وهو له دور أساسي وتشاركي مع رئيس الحكومة، وما الخطوة التي قام بها سوى في إطار التشاور والتشارك وهذا أمر طبيعي أصبح بعد الطائف، ولنفترض انه حصل بعيداً من الإعلام، فهل كان سيُطرح الأمر من هذه الزاوية؟


من جهته، قال عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة لـ"نداء الوطن": "لرئيس الجمهورية الحق في إجراء المشاورات مع القوى والكتل النيابية التي تعتبر إستمزاج آراء وهي بالتالي ليست ملزمة في نتائجها كما هي الإستشارات النيابية الملزمة ولا حتى يصدر عنها بيان أو موقف، ونحن نشجع أي تشاور إنما نؤكد على موقفنا الثابت لجهة الموافقة على المداورة باستثناء وزارة المال لأنها تمثل الشراكة في السلطة التنفيذية طالما لا نزال في نظام طائفي، وعندما نذهب إلى دولة مدنية لا طائفية، عندها لا داعي للتمسك بأي موقع من قبل أي جهة في أي مركز أو وزارة، ونأمل أن نصبح دولة مواطنة في وطن وليس دولة رعايا في طوائف وأن يتم وضع معايير لإختيار الوزراء، بطريقة ليست كما كان معتمداً سابقاً ولا من خلال إدارة الظهر للكتل والقوى السياسية في مجلس النواب الذي تحتاج الحكومة إلى ثقته والتعاون معه في العديد من القوانين الإصلاحية".