كارين القسيس

تسجيل صوتي للــــــقــــاتل يوثّق تهديده للضحيّة

عبير رحال ضحيّة أقرب الناس... واتّهامات الخيانة مردودة للجاني


جريمة جديدة تهزّ لبنان، جريمة تضرب إقليم الخروب، الخبر ليس ناتجاً عن غارة اسرائيليّة أو حدث أمني كبير، بل جريمة حصلت تحت قوس المحكمة، التي في العادة يلجأ إليها المواطن اللّبناني ليأخذ قسطاً من العدالة، في بلد فقد فيه العدل واستبيحت هيبة الدولة، حتى صار القتل عملاً بطولياً وسهلاً و "على عينك يا تاجر" أمام أعيُن الجميع. إنّها جريمة قتل الإعلاميّة عبير رحّال على يد زوجها خليل مسعود الذي غدرها وأطلق رصاصه عليها وهرب ومن ثم انتحر.



وبالرغم من أنّ اللّبنانيين يصحون كلّ أسبوع تقريباً على خبر مقتل إمرأة على يد زوجها، يبقى المُبرّر الرئيسي للمجتمع "الذكوري" للجريمة هي خيانة المرأة، وكأنّ الرجل موكلاً من الله لانهاء حياتها، إذ هناك ثقافة جديدة يُبرّر معها الرجل هدر دمّ المرأة معتمداً على أفكار وهمية من نسج خياله.



سيناريوهات عدّة يجري تداولها في هذه الجريمة، تتقاطع جميعها حول الادعاء بأنّها "جريمة شرف"، وخصوصاً بعدما نشر زوجها فيديو اتهم فيه زوجته بالخيانة، كي يمنح نفسه تبريراً لما اقترفته يداه عندما توجه أمس إلى المحكمة الشرعيّة وأرداها قتيلة.



أياً تكن دوافع الجريمة، فإنّ الحقيقة أنّ عبير فقدت حياتها على يد من اعتبرته يوماً شريكاً لها في الحياة، قبل أن تُقتل للمرّة الثانية بكلمات بعض اللبنانيين الذين باركوا هدر دمها.



بعد هذه البلبلة، حصلت "نداء الوطن" على تسجيل صوتي للقاتل أرسله إلى الضحيّة قبل أيّام قليلة من وقوع الجريمة مهدداً إيّاها.





في هذا السياق، صرّح المحامي هيثم عزّو أنّ ليس هناك من جريمة مشرّفة والشرف لا يُبرّر أي جريمة، لأنّ "الجريمة جريمة" و لأنه في أبعد الحالات لم يثبت واقعياً بأي دليل ارتكاب الضحية المغدورة لجريمة خيانة زوجيّة ولا يثبت في الاصل شرعية وفق القانون الشرعي فعل الزنى إلاّ بشاهدين عدول، مشدداً على أنّه لا يمكن الارتكاز على رواية الزوج القاتل من أجل إلباس الضحية جريمة لم يثبت ارتكابها لا واقعيا ولا قانونياً، خصوصاً أنّ غالباً في الخلافات الزوجية يعمد الزوج إلى تبرير التعنيف أو الجريمة بشيء أخلاقي يمسّ بشرف زوجته لتبرير فعلته.


أين كانت القوى الأمنيّة؟


كشف عزّو أنّ في المحاكم الشرعية كافةً لا يوجد عناصر لحماية المواطنين داخلها، ويقتصر الأمر على وجود عنصر واحد فقط من قوى الأمن الداخلي، فالحماية الأمنية غير متوفرّة وليس لديه الصلاحيّة التامة لتوقيف أي مشتبه به، تماماً على عكس المحاكم العدليّة التي يوجد فيها عناصر عدّة من قوى الأمن الداخلي.



تُعيد حادثة عبير إلى الأذهان مشاهد كثيرة من جرائم هدر دمّ النساء ومنها جريمة قتل الضحيّة ماريا حتّي في زحلة العام الماضي، وكأنّ "جنون البقر" تحوّل في لبنان إلى جنون البشر، وبالتالي أي إمرأة تخرج عمّا يسمّى بطاعة زوجها ولا تعمل على إرضائه بالدرجة المطلوبة، من الممكن أن تكون مشروع ضحيّة جديدة، ولكن اللافت أنّ المجتمع اللّبناني يتستّر دائماً على المجرم، إذ أظهرت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي كيفية التحكّم بحياة النساء وقتلهنّ، في وقت يتغاضى القضاء والقوى الأمنيّة والمجتمع عن قضاياهنّ.



"نداء الوطن" لم تتوقّف هنا، فتواصلت مع أحد أفراد العائلة حيثُ أوضح أنّ عبير "ذكيّة ومليانة حياة" وصاحبة موقع إخباري، كاشفاً أنّ كلّ السيناريوهات المتداولة عارية عن الصحيّة فالقاتل لا يعمل معها فهي فقط كانت تزوّده بالمال.



وأوضح أنّ عبير هي من طلبت الطلاق منذ خمسة أشهر تقريباً، وعادت إلى منزل ذويها نتيجة العنف المعنوي والجسدي، فالقاتل أوهمها أنّه قادر على إيوائها واحترامها إلاّ أنّ بعد الزواج انكشف على حقيقته.



"عبير ليست الزوجة الأولى لمسعود"، هذا ما كشفه المصدر إذ أنّ مسعود كان متزوجاً من إمرأتين قبلها.



العديد من النساء خضن معارك لانتزاع حقوقهن بالقوّة ومنهنّ من ذهبن ضحية دفاعهنّ عن هذه القضية. عبير ليست الضحية الأولى، ولكن نتمنّى أن تكون الأخيرة، لأنّه آن الأوان لوضع حدّ للجرائم بحق المرأة، وحان الوقت كي يمتنع بعض أعضاء المجتمع عن الوقوف في صف الرجل-المجرم... فقط لأنّه رجل ولأنّ الضحية امرأة.