لم تضع يوماً قناعاً على وجهها وصوتها وإحساسها ومشاعرها ووطنيّتها.
لم تتلوّن يوماً وتتبدّل طمعاً بمكاسب، فابنة "دير الأحمر" الأبيّة، وصاحبة يد الخير البيضاء سراً، وعاشقة الأرزة الخضراء خلوداً، وزرقة بحر بيروت علناً، تكتفي بمكسب الصدق مع الذات. والكبير هو من صدَقك القول والفعل، وليس من صدَّقك وطبّل وزمّر لك بغير اقتناع و "عالعمياني".
لم تدوّر الزوايا يوماً، ولم تلفّ وتدور يوماً، بل تواجه بجرأة يفتقدها الكثيرون الكثيرون، ودرعها الوحيد صدقها وإيمانها المطلق بما تقول وتشعر وتؤمن.
لم تختبئ يوماً وراء إصبعها، لم تضعف يوماً أمام المحاربة والتهديد، لم تستسلم يوماً أمام المرض، لم تخجل ولم تسقط يوماً أمام التنمّر والخيانة. ولم تخشَ يوماً، هي صاحبة الرأي، إعلان موقفها من كلّ ما يدور في بالها ويتفاعل في قلبها ويجري في وطنها. لم تخَفْ يوماً من المجاهرة برأيها بصراحة، بإيمانها بثقة، بولائها لبلدها حراً، سيداً، مستقلاً، برفضها لكلّ من وما قد يبدّل صورة لبنان الرسالة والحق والجمال والثقافة والحريّة والحياة.
إنها إليسا "الأيقونة". أيقونة الفن والرأي الحر والجرأة في المواقف. إنها إليسا "المراية". يا "مرايتنا كلّنا"، التي تعكس للرجال صورة الشجاعة، وللنساء معنى الحب والقوة والنضال.
إنها إليسا المثال. المثال الذي يحتذيه كلّ إنسان قد يعشق ويضعُف ويُجرَح، ويُكسَر ويُحَارب، فينتفض مجدّداً رافعاً رأسه، مضمّداً جراحه، محلّقاً بجناحيه، ملتحقاً بقافلة الحياة مهما علا من حوله النباح.
إنها إليسا التي يسري حبّها للفن والوطن في شرايينها، كالدم الأحمر. أحمر الشغف. أحمر الثورة والحرية. أحمر جذور الأصالة، وتربة سهل البقاع. أحمر خطّين متوازيين يضرّجان علم لبنان، كشاهد على الاستعداد الدائم للدفاع عن الكيان، ليُكتب لوطننا الحياة. أحمر دائرة تحمي أرزتنا وكياننا وهويتنا من أيّ اغتصاب أو هيمنة أو بيع وشراء، أبى من أبى وشاء من شاء.
إنها إليسا التي معها نختم سنة، لا بل سنوات من القهر والحروب والنضال، لنستقبل الفرج ونتنشّق نسيم التغيير في بيروت حرّة ولبنان سيد ومستقل، ونردّد معها: "It’s Ok… ما بيصح إلا الصحيح".