كارين القسيس

سماسرة في "شقق" التجميل...

في السنوات الأخيرة، شهد قطاع التجميل ازدهاراً كبيراً في لبنان، حيثُ أصبحت مراكز التجميل وجهة للعديد من الأشخاص الراغبين في تحسين مظهرهم. ومع هذه الموجة أو ربّما يُمكننا وصفها "بالتراند"، ظهرت مشكلة خطيرة تتمثّل في انتشار مراكز التجميل غير المرخصة وكأنّ هذا القطاع صار "شغلة اللي ما إله شغلة".



ترغب الكثير من الفتيات بإضفاء لمسة تجميليّة على مظهرهنّ الخارجي، ولكن في الآونة الأخيرة زاد "الهوس" في عمليات التجميل التي يلجأن إليها لتغيير في وجوههنّ أو أشكال أجسادهنّ، وبالتالي هذا المورد المالي والاستثمار المربح، دفع بكثير من المتعدّين على المهنة من غير الاختصاصيين إلى محاولة استغلال هذا الواقع، طمعاً بما يدرّه هذا القطاع من أرباح مضمونة، غير آبهين بالأضرار التي قد يتسبّبون بها والتي قد تصل أحياناً إلى التشوّه الموقت أو الدائم وحتى إلى الموت.


"وجهي تشوّه، أصبحت كالوحش بسبب طبيب عديم الخبرة، لا يُمكنني وصف هذا الشعور المرّ، مع أنّني أردت إجراء عمليّة تجميليّة تُسمّى "عين القطّة" لتغيير شكل العينيين نحو الأفضل إلاّ أنّ الواقع كان مغايراً للتوقعات".



بهذه العبارات وصفت الشابة غريس تجربتها المرّة مع منتحلي الصفة، منبهةً الفتيات من تكرار غلطتها.



هذه المراكز كثرت، كما كثر روادها وهذا يعود إلى الخدمات التي يقدمونها بأسعار زهيدة جداً مقارنة بأسعار العيادات الطبية.


في هذا السياق، يشرح الدكتور في جراحة التجميل شارلي حنّا، في حديث لـ "نداء الوطن" أنّ هناك الكثير من الأشخاص يتعدّون على هذه المهنة، اذ يجب أن يكون موضوع العمليات الجراحيّة والحقن كـ "الفيلر" و"البوتوكس" تحت إشراف طبيب مختصّ وليس أي طبيب لأنّ هذه المواضيع حسّاسة، وأيّ تشوّه يمكن أن يؤدّي إلى تدمير المريض ويقلب حياته رأساً على عقب.



واعتبر أنّ هناك دائماً احتماليّة حصول مضاعفات في أيّ عمل طبي، و"نحن نشرح للمريض ما هو متوقّع حدوثه"، موضحاً أنّه ما من طبيب يؤذي عن قصد، لكن نسبة حصول المضاعفات بوجود طبيب مختصّ ضئيلة، خصوصاً أنّه في حال واجه هذا الاحتمال، يدرك تماماً كيفيّة التعامل مع الموضوع.



وحذّر حنّا من شبكات التواصل الاجتماعي التي تروّج من خلالها لأكاديميات تدريبية لتقديم دورات "فيلر وبوتوكس" لغير المختصّين في عمليات التجميل والتي تعمل كسماسرة بين الأطباء غير المختصّين والمرضى.



عمليات التجميل في لبنان تيّار لا يمكن الوقوف في وجهه، وهو في زيادة مستمرة حتّى لو كانت محفوفة بالمخاطر، وبالتالي إنّ "شقق" التجميل غير مراقبة والمفارقة أنّ مواقع التواصل الاجتماعي تضجّ بالإعلانات الخاصة بمراكز التجميل وصور العمليات الخطرة مع أسماء لأشخاص تلقوا فقط بعض الدورات التدريبية التي لا تتعدى الشهرين، في حين يحدث هذا في ظلّ شبه غياب للدولة عن ملاحقة المتورّطين ومحاسبتهم. فبين الحين والآخر، نسمع عن إقفال مركز تجميلي غير مرخّص هنا وهناك، ولكن طفرة هذه المراكز "وعلى عينك يا تاجر" تستدعي حملة واسعة لوضع حدّ لها.