شربل داغر

أمراض الكتاب العربي المتفاقمة

21 أيلول 2020

02 : 00

من يتابع احوال طبع الكتاب الورقي ونشره في العالم العربي، يتحقق من صعوبة الحال. فمنذ انتشار الكورونا في نهايات الشتاء الماضي، توقفتْ معارض الكتاب في جميع المدن العربية. وهو ما يستمر في دورة المعارض الجديدة، حيث إن مواعيد المعارض المقبلة فارغة من تواريخها، ولا أحد يتورط في تحديد اي موعد قادم.

مع ذلك الكتاب العربي لم يتوقف عن الطبع في بعض الدور التي تُظهر حماسة بطولية، فيما يضيق تماما سبيل النشر والتوزيع فيها. فكيف اذا عرفنا ان المعول الأول على نشر الكتاب العربي وبيعه كان معارض الكتاب!

هذا التعثر تقني، موقت، ولو دام أكثر من سنة واحدة. إلا أن هناك تعثراً مزيداً يواجه الكتاب العربي، وهو خافٍ في بعض جوانبه في الوقت الحالي.

التعثر الخافي يتمثل في قلة الإقبال على الكتاب العربي، ما يمكن التحقق منه من معرض إلى آخر. وهو تعثرٌ يتأتى من تناقص القراءة ومعدلاتها في هذه البلاد، ومن تراجع القيمة والفائدة المأمولتين من الكتاب العربي. وهو ما يمكن تتبع علامات تراجعه الأخرى في الكتابة السليمة بالعربية. فهناك جامعات عربية باتت تشكو من رداءة العربية عند أساتذتها... وهناك دور نشر عربية تحتاج أكثر فأكثر إلى مدققين لغويين لكُتابها المختلفِين.

رداءة معمَّمة، لا يخفف منها شراء الكتب المدرسية بالعربية فهي إجبارية، ولا مبيع كتب التفسير الديني التي يتم شراؤها ممن يتباهون بوضعها في صالون البيت، ما دام أنهم يهوون سماع العربية من قبل فقيه شارح، وليس القراءة في كتاب... ولا يخفف منها مبيع بعض الكتب "الفائزة" بهذه الجائزة أو تلك...

ثقافة مدقعة، وأمراض من غير نوع ونوع، تفتك بالكتاب العربي، وتجعله في دوار البحث المضني عن قارئ. هي أكثر من أزمة كتاب وقارئ، هي أزمة مجتمعات وسياسات، باتت الثقافة فيها - والكتابُ علامتُها العالية - متراجعة بقوة لصالح السماع والتواصل، من دون أن تكون دُور التعليم، حتى العالي منها، منتجة للكتاب ومحتاجة له. ولولا الحاجة إلى "تخريج" معلمين للتعليم، لاقتصر الإقبال على العربية على اعداد قليلة للغاية.


MISS 3