في إحدى قصص ابن المقفع الشهيرة، يُحكى أن ملكاً ظالماً استدعى قائداً شجاعاً من عامة الشعب ليقود جيشه. كان الملك يرى هذا القائد مجرّد أداة لتنفيذ رغباته وبسط نفوذه، لكنه لم يدرك أن هذا القائد سيصبح لاحقاً رمزاً للقوة والعدل. عندما توفي الملك، رفض القائد السير على خطى سيده الظالم، وأعاد بناء المملكة على أسس العدل والحكمة، متحدياً أتباع الملك القديم الذين حاولوا عرقلة مسيرته.
شكراً لغباوتك يا ميشال
هكذا كان الحال مع ميشال عون، الذي ربما لم يدرك يوماً أن القائد العظيم جوزاف عون، الذي لم يفضل نفسه على الوطن، سيصبح رئيساً لكل لبنان. شكراً لك، يا ميشال، على حساباتك الخاطئة في لوي ذراع الوطن كرمى لصهرك، الذي مهد الطريق لهذا الإنجاز الوطني الكبير.
تيارك الهالك المتهالك عارض وصول جوزاف عون إلى الرئاسة، لكن إرادة الحق والعدالة انتصرت، كما ينتصر الخير دائماً في نهاية كل حكاية.
خطاب الجمهورية المحرّرة
جوزاف عون وصل إلى قصر بعبدا بخطابٍ أقل ما يقال عنه إنه خطاب الجمهورية المحررة من الاحتلال الإيراني. هذا الخطاب أسّس لمنطق جديد، منطق احتكار السلاح بيد الدولة فقط، على عكس سلفه ميشال عون، الذي في أول تصريح له كرئيس للجمهورية أصرّ على "ضرورة وجود سلاح حزب الله مع سلاح الجيش".
خطاب جوزاف عون حمل في طياته روح الحياد، استقلالية القضاء، والنفس العربي الذي افتقده لبنان منذ زمن طويل. هذا النفس غاب عندما أدخل حزب الله لبنان في فخ الحروب العبثية وقتال العرب، مما جعل البلاد ساحة لتصفية حسابات إقليمية.
لم ينسَ الرئيس الجديد قضية المودعين، فتعهد بأمانته المطلقة في الحفاظ على أموالهم، والعمل على تحقيق السلم والأمن والحفاظ على الحريات. إن هذا الخطاب لم يكن مجرد كلمات، بل كان إعلاناً عن ولادة جمهورية جديدة تقف على أسس قوية.
دور المخلّص
لقد لعب جوزاف عون دور المخلّص، رغم كل "يهوذا إسخريوطي" عوني حاول أن يطعن في ظهر الوطن. لكن حكمة الله اقتضت أن ينتصر الحق على الباطل، وأن يظهر قائد حقيقي يعمل من أجل الوطن، لا من أجل حزب أو طائفة.
معركة بناء الدولة
فخامة الرئيس جوزاف عون، نحن لا نقبل بأقل من تطبيق كل ما أدليت به في خطابك بحذافيره. نحن معك في هذه المسيرة، فالوطن مملكتك، وأنت قائد هذه المملكة. حان الوقت لتحريرنا من كل الثنائيات القطبية والعاهات السياسية التي كانت سببًا في تراجع لبنان لعقود طويلة.
ليكن شعارنا المشترك "بناء الدولة" التي لم تُبنَ قط، دولة المؤسسات والقانون، دولة تحترم الإنسان، وتحمي حقوقه، وتحافظ على كرامته.
العودة إلى العالم العربي وتحقيق السلام
لبنان لا يمكن أن يستعيد عافيته إلا بالعودة إلى محيطه العربي. العالم العربي هو العمق الطبيعي للبنان، وبدونه لا يمكن للبنان أن يحقق استقراره السياسي أو الاقتصادي.
تحقيق السلام العادل والشامل يجب أن يكون هدفنا. لبنان لا يمكن أن يكون منصة للعداوات أو الحروب العبثية. لقد دفعنا ثمنًا باهظًا بسبب سياسات خاطئة أقحمتنا في صراعات لا تخدم إلا أعداء لبنان والعرب.
فخامة الرئيس، الطريق طويل وشاق، لكننا نثق في حكمتك وعزمك. أنت قائد الوطن، ونحن جنودك في هذه المسيرة. معاً، يمكننا أن نعيد للبنان مكانته ودوره الحضاري، ونبني دولة حقيقية تستحق أن تحمل اسم لبنان.