ساء "الثنائي الشيعي" والمحيطون به، ما جرى بالأمس من انتخاب القاضي نواف سلام رئيساً لحكومة العهد الأولى، وراحوا يتحدثون عن "انقلاب" على التفاهم الذي حصل معهم قبل يومين من قبل بعض الجهات الداخلية والدول الخارجية.
تحدث النائب محمد رعد عن محاولات للاقصاء والتهميش من بعبدا، واستخدم مفردات تفيد الغدر والخيانة والقطع، غامزا من قناة وليد جنبلاط وجبران باسيل وسواهما.
وطالب بحكومة "ميثاقية"، كتلك التي شكلها الثنائي مع نجيب ميقاتي عام 2011ومع حسان دياب عام 2019؟؟
وبعدها تسربت معلومات مفادها ان الرئيس نبيه بري يهدد باغلاق البرلمان، ثم تراجع عن تهديده، وغادر بعبدا ممتعضاً من دون الادلاء بأي تصريح.
وخرج بعد ذلك "اعلام المحور" للحديث عن "انقلاب سعودي" على الثنائي، الذي اشترط لانتخاب عون رئيساً للبلاد، الابقاء على ميقاتي رئيسا للحكومة، وتنفيذ القرار 1701 بما لا يغضبهم، ونيلهم حصة وازنة في الحكومة الجديدة وعلى رأسها وزارة المال، واعادة الاعمار.
هذا "الانقلاب" الذي لاقته الأغلبية الساحقة من اللبنانيين بالترحاب والأمل، يوجب علينا توجيه الشكر لكل من شارك به وعمل عليه وسهر لأجله، لأنه شكل انتصاراً لمبادئ دستورية وديمقراطية نادينا بها جميعاً منذ عشرات السنين.
"انقلاب أبيض"، يسمونه تدخلاً خارجياً لانهم خارجه، ونؤكد على أنه دينمية صنعت في لبنان، دينمية أعادت الاعتبار للسياسة المحلية بوصفها الرافعة الأساسية والمحرك لكل الأحداث الكبرى التي تشهدها الساحة اللبنانية.
دينمية منضبطة بقواعد الدستور ومنتصرة لمفهوم الدولة وتعزيز مؤسساتها، وتحفظ النسيج الاجتماعي للجماعات السياسية، فلا انكسار لطائفة، ولا انتصار لأخرى، وهو ما أكدت عليه المعارضة التي أصبحت عرابة السلطة اليوم.
هذا "الانقلاب" الذي سيعيد الجميع الى الدولة بشروطها ومنطقها، حدث انتظرناه وتمنيناه وعملنا له، ليس من باب الاقصاء ولا من نافذة التهميش، انما بخلفية ايجاد ساحة وطنية واحدة تجمع كل الأطياف تحت مظلتها المحمية بجيش واحد ومؤسسات دستورية فاعلة وعلاقات أكثر من ممتازة مع عمقنا العربي.
واليوم على حزب الله ان يفاضل بين خيارات ثلاثة:
- الدخول في عصر الدولة بشروطها كباقي الاحزاب السياسية، فيحفظ وجوده وحضوره في العملية السياسية.
- الذهاب الى حرب جديدة مع العدو الاسرائيلي، لمحاولة تعويض ما تعرض له من هزائم متتالية في الشهرين الأخيرين، وهي حرب سيكون فيها زوال لبنان برمته.
- تكرار 7 ايار جديد في الداخل وادخال لبنان في آتون من الفوضى والخراب.
العاقلون يتجلببون بالدولة، والمغامرون يميلون الى التمرد، وما أحوج الحزب وجمهوره اليوم الى التواضع والحكمة والعقلانية.
هي فرصة للحزب أولاً ليتلبنن كلياً، وينهي زمن "المغامرات" التي لم تستثن أي طائفة في لبنان، وفرصة لنا ثانياً لتمتين أواصر الدولة في جمهوريتها الثالثة، تمتين نهائي تعود بموجبه كل الطوائف من دولها الخاصة لتدخل عصر الجمهورية اللبنانية الجديدة.
فشكراً للانقلاب والانقلابيين، اذ يمنحوننا فرصة نهائية لبناء دولة القانون والعدالة، دولة نهائية لكل أبنائها... ونحن بانتظار حزب الله وحركة أمل فهل يقدما؟