فايز قزي

جمهورية لبنانية واحدة – لا شركة طوائف مختلفة

نادراً ما ألتقي رئيس مجلس النواب رفيق الجامعة والحركة الطالبية. ولا أدري لماذا يخاطبني ضاحكاً "شو بعدك طيب" لأسأله إذا كان لا يزال سياسياً حياً يحسن قيادة أبناء موسى الصدر الذي اختاره ليقود أفواج المقاومة اللبنانية بعد أن كاد يسمي سواه. لقد تعرضت الطائفة الشيعية الصدرية – العاملية – الإمامية منذ سنة 1979 في بداية الغزو الجهادي الإيراني للبنان إلى صراعات دموية وضغوط سياسية، كادت تجفف الجنوب والبقاع وتهيمن على خارطة الشيعة في لبنان وسوريا والعراق. وهي تعيش اليوم أسوأ تجربة وقيادة ومصير.


لعل الرئيس بري، الذي كان يقرأ كثيراً، فاته أن الإمام الدكتور علي شريعتي كان قد أطلق ثورة التمرد على شاه إيران قبل الخميني. ولكنه استشهد قبل سقوط الشاه بسنة واحدة، بعد أن ترك لنا كتاباً حول تصنيف حركات التشيع عنوانه: "بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي". أي بين الإمامية العلوية نسبة إلى أمير المؤمنين، والإمامية الخمينية المنقولة من السلالة الصفوية، التي احتلت إيران في القرن الخامس عشر ونقلت شعبه من التسنن إلى التشيع الصفوي.


هذا الكتاب للإمام الأكبر علّمنا بوضوح أن التشيّع العلوي يمثِّل الحق، والصفوي يمثل الباطل.


فهل يستعيد رئيس حركة أمل "أفواج المقاومة اللبنانية" قراءته ولا ينسى أنه رئيس لنواب لبنان وليس لنواب "الحزب" و"أمل" فقط. إنه مطالب وملزم شرعاً برعاية الإرادة الشعبية لكل الطوائف وواجبه أن لا يسمح باستمرار خطف الشيعة، خاصة من قبل ولي الفقيه، الذي يستمد صلاحياته من كتاب "الحكومة الإسلامية" أنه يتساوى مع أمير المؤمنين والنبي محمد في صلاحيات الحكم.


هذه البدعة الصفوية الإيرانية تغتصب وتهدد أبناء "أمل". فهل يقبل بتقديم أبنائها ضحايا لقضايا مزوّرة ومغشوشة وغير محقة بل باطلة شرعاً وشريعة. فإذا كان الزمن القريب قد غسل أطماع إيران بمياه زينب وجهاد المسجد الأقصى، فإن ما آلت إليه أمور أبناء الصدر وجبل عامل يشكل إحدى أبرز النكبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والشرعية، ترسلهم في قوافل شهداء مساندةٍ لطوفان وحرائق وركام وذلّ واضطهاد.


إن شيعة لبنان ليسوا ميليشيا حشد أو حوثيين، وليسوا "جزءاً من أمة إيران". بل إنهم لبنانيون أصليون ومنتشرون في كل عروق لبنان، وشركاء لكل لبناني. ولا يجوز لمن يحمل صفات بري وصلاحياته أن يقبل أو يتضامن مع "حزب الله" لتعطيل العهد الجديد الواعد. إنه اعتداء على كل لبنان ولا يجوز لرئيس المجلس في هذا الوقت أن لا يتضامن مع رئاسة الجمهورية، بدعم قائد جنوبي من بلدة العيشية الجنوبية التي دفعت ثمن وجودها في الجنوب 40 شهيداً في 20/10/1979. واليوم تقدم للبنان منقذاً ينقل الجنوب وكل لبنان بجميع طوائفه إلى صدارة معجزة توقف مغامرات ارتكبها ساحر كلام ووعود لم تتحقق رغم طوفان الدماء والخراب، ويستمر ورثته اليوم على إبقاء أبناء "حزب الله" في حالة تبعية للفقيه الإيراني، ويجرّون معهم أبناء "حركة أمل"، ومقاومتها الصدرية اللبنانية، وكل لبنان إلى مزيد من التجارب التي لم تنتج إلا الموت والوجع والجوع.


يا أستاذ نبيه، شعب لبنان كله وخاصة المخطوفين من أبنائك وأنت تملك فرصة مدعومة اليوم بصحوة شعبية في الداخل والخارج، فاستعمل حدسك واحتضن من خطفوا أو ضلوا الطريق من طائفتك، ولا تترك مكاناً لمزيد من التجارب والمغامرات. لقد أتت ساعة الإنقاذ فلا تبخل بالنجدة لوطن يستغيث، فانصر الحق على الباطل. فساهم في تحرير طائفتك والجنوب فتستعيد لبنان وتعوض بعض "الوزنات" التي سلمك إياها إمامك وإمامي وإمام كل اللبنانيين وشهيد السيادة والكيان، ويعود جمهورية لبنانية واحدة لا شركة طوائف مختلفة.