ساعة وعشر دقائق خصّصتها رئيسة تحرير صحيفة "النهار" نايلة تويني لتتحدث مع ضيفها الممثل السوري باسم ياخور حول سوريا ما بعد سقوط "نظام الأسد"، تاركةً ضيفها في ربع الساعة الأخيرة يتطرّق بشكل بانورامي لحياته الشخصيّة والفنيّة.
منذ الدقيقة الأولى بدا على ياخور حالة الضغط والكبت والغضب من تراكماتٍ سلوكيّة ترجمها الآخر تجاهه، ما دفع الحوار نحو المحاججة التي تعمّق إشكاليّة الأزمة السوريّة أو بالأحرى أزمة المثقف السوري الاجتماعيّة. فالردّ على التهمة بتهمة والرّد على التصنيف بتصنيف (لا سيّما "التكويع" في إشارة إلى الفنان فارس الحلو وتماهيه مع النظام "الانتقالي" الحاليّ)، جعل من تويني تختار وضعيّة المحاور المستمع لا المجادل. حيّدت تويني (المعنية عاطفيّاً وسياسياً بسقوط النظام) نفسها عن مناقشة ياخور، خصوصاً حين سوّغ موقفه تجاه "حزب البعث" الحاكم آنذاك، باقتناء الراحة والاستفادة بأدنى الامتيازات، نقطة تسجّل لها كمحاورة ارتأت الاستغناء عن مهاراتها الحواريّة بالإنصات عوضاً عن الغوص بنقاشات بيزنطيّة.
يُسجّل لباسم ياخور الرد بنبرة واقعيّة. لكن كان من الأفضل الاستغناء عن دخوله في المناكفات المضمرة والشخصيّة (تربيح الجميل بتحرير 300 معتقل من اللاذقية برفقة المخرج الليث حجّو والممثل الراحل نضال سيجري، ودفاعه عن الممثلين المعارضين، مثالان دون الحصر) والاستمرار في الإسهاب كلاماً وحواراً حول سوريا المستقبل. يُسجّل لياخور أيضاً صراحته في آخر "البودكاست" حين اعترف بخوفه فور سقوط النظام، ووضعه سؤالاً إشكاليّاً يعيد جميع المراقبين إلى ساحة نقاش سياسي فكري اجتماعي حول سوريا: "هل سيكون المستقبل مع وجود "نظام الشرع" أفضل؟ هل ستبقى المعتقلات فارغة مع وجود 30 ألف معتقل في السجون مجهولي المصير بعد سقوط الأسد وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان؟".
أخطأ باسم ياخور حين اختار توقيتاً وصفه بالحسّاس ليخرج أمام الناس، ويردّ على التّهم بكل هذه العصبية والانفعال وبلغة فرد ينتمي إلى أقليّة دينيّة تتعاطى ببراغماتيّة مع الواقع السوري والاتهامات المضادة. لو أعطى نفسه جرعة من الوقت لما كان دخل في دهاليز شخصية واكتفى بمعالجة الملف السوري بطريقة ثقافية رؤيوية ذاتية دون تداخل مع "لطشات" من هنا وهناك.