بعدما "انتكست" الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتلقي أذرعها في الشرق الأوسط ضربات قاصمة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، أدّت إلى تحوّلات جذرية في موازين القوى في المنطقة، تسعى طهران إلى إعادة إنعاش ذاتها عبر التعويل على دول "محور الشرّ" المعادي للغرب. وفي هذا السياق، وقع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفاق شراكة استراتيجية شاملة في الكرملين بموسكو أمس، تضمّنت التعاون بين البلدَين في مجالات الأمن والدفاع والطاقة والتجارة.
واعتبر بزشكيان أن العلاقات بين إيران وروسيا تتوسّع في كلّ المجالات وعلى الصعيدَين الثنائي والإقليمي، مشيراً إلى أنه "نحن أزلنا كلّ العقبات التي من شأنها عرقلة مسار تنفيذ وتطبيق هذه الوثيقة، ونؤكد عزمنا على تنفيذ كافة البنود المنصوصة فيها". واعتبر أن موسكو وطهران ليستا بحاجة إلى الالتفات لرأي من وصفها بـ "الدول الواقعة خلف المحيط"، موضحاً أن "الاتفاقات التي توصّلنا إليها هي حافز آخر عندما يتعلّق الأمر بإنشاء عالم متعدّد الأقطاب".
من جهته، أوضح بوتين أبعاد هذه المعاهدة الاستراتيجية ودورها في تعزيز التعاون بين البلدين، ولا سيما في المجالات التجارية والاقتصادية، مشيراً إلى أنه "تمكّنا خلال الأشهر الـ 10 الماضية من زيادة حجم التبادل التجاري بنسبة تزيد عن 15 في المئة". وكشف أن "روسيا وإيران تستخدمان بالكامل تقريباً العملات الوطنية في التبادلات التجارية".
نووياً، وإذ ذكر بوتين أن موسكو تدرس بناء وحدات جديدة للطاقة النووية في إيران، أوضح أنه "لدينا مشروع ضخم في الطاقة النووية"، لافتاً إلى أن "وحدة واحدة تعمل بالفعل بنجاح ونناقش في الوقت الراهن إمكانية بناء وحدات إضافية"، فيما تحدّث بزشكيان عن أن "المراحل التنفيذية لمحطة الطاقة النووية تسير بشكل جيّد وجرى توقيع الاتفاقات المتعلّقة بهذا المشروع".
وفي ما يتصل بالتعاون الأمني والعسكري، اتفق البلدان على أنه "إذا تعرّضت روسيا أو إيران للعدوان فلا يجوز للطرف الآخر مساعدة المعتدي"، كما شدّدا على "عدم السماح باستخدام أراضي كلّ منهما للقيام بأفعال تهدّد الجانب الآخر". وتنصّ الاتفاقات أيضاً على تعزيز التعاون بين أجهزتهما الأمنية وإجراء مناورات عسكرية مشتركة على أراضيهما وخارجها.
أمّا على صعيد قطاع الطاقة، فقد أكد بوتين أن "موسكو يُمكنها تصدير 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى طهران، لكن هناك مشكلات فنية قيد البحث"، بينما اعتبر بزشكيان أن "الجانبين بحاجة إلى معالجة بعض القضايا الفنية". وكشفت وكالة "إنترفاكس" أن خط أنابيب الغاز المُقترح من روسيا إلى إيران الذي يتفاوض عليه البلدان، سيمرّ عبر أراضي أذربيجان إذا تحقق.