شادي معلوف

القصّة كونيّة تنطبق على كلّ أنسان

حفيدة نعيمه تحوّل "مذكّرات الأرقش" مسرحيّة

في العام 1949، صدرت للأديب ميخائيل نعيمه (1889 – 1988) رواية بعنوان "مذكّرات الأرقش". بعد زهاء 76 سنة من صدور الكتاب، تُطلق الأستاذة الجامعية سهى (حداد) نعيمه، القيّمة على بيت – متحف ميخائيل نعيمه (Mimasuna)، مسرحيّتها الشعرية "The Pitted Face, Memoirs of a Vagrant Soul" (الوجه الأرقش– مذكّرات روح شاردة) المستوحاة من رواية الأديب الراحل، الذي كان نقل مؤلَّفه بنفسه من العربيّة إلى الإنكليزيّة عام 1952 وطبعه في نيويورك بعنوان "Memoirs of the Vagrant Soul or the Pitted Face".


سهى (حدّاد) نعيمه، الحفيدة الروحيّة لميخائيل نعيمه، شاءت التكنّي منذ زمن، باسم عائلة عمّ والدتها مي، والذي حضنهما كوالد، إلى أن رحل بسلام بعدما احتضنتاه في شيخوخته في منزله بالزلقا.


كتاب الأستاذة حدّاد، الصادر عن "دار نلسن"، مسرحية شعرية مقفّاة أو شعر مقفّى ممسرح، من فصل واحد. تقول الكاتبة لـ"نداء الوطن" إنّ مسرحيّتها مبنيّة على كتاب "مذكّرات الأرقش"، وقد انطلقت في إعدادها من النص الأصلي الذي وضعه نعيمه بالعربية، وفيه يروي قصة رجل غريب الأطوار خدم صامتاً في أحد المقاهي العربية في مدينة نيويورك الأميركيّة.


"ناسك الشخروب" كان قد نشر القصّة سنة 1913، حين كان بعمر 24 سنة، على 4 مراحل في مجلّة "الفنون" لصاحبها نسيب عريضة. وهي المجلّة التي شكّلت صدى أفكار وكتابات أعضاء "الرابطة القلميّة" وبينهم نعيمه نفسه، وجبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي ورشيد أيوب، وسواهم من أدباء النهضة المهجريّين.


قصّة كونيّة

في تعريف رواية "مذكّرات الأرقش" تصفها نعيمه بكونها "قصة كونيّة تنطبق على كلّ إنسان في كلّ مكان وزمان، بصرف النظر عن بيئته الاجتماعية أو الجيوسياسيّة". تضيف أنها في مؤلّفها، الذي حوّلت فيه الرواية النثرية إلى مسرحية شعرية، اختارت قلب العنوان للتمييز بين كتابها وكتاب جدّها. كتاب ميخائيل نعيمه "Memoirs of the Vagrant Soul or the Pitted Face"، بينما جاء كتاب سهى نعيمه بعنوان "The Pitted Face, Memoirs of a Vagrant Soul".


في الرواية، كما في المسرحيّة، يركّز الكاتبان على "كونيّة الإنسان، وكيف أنه ملخّص عن كلّ ما في الكون، وأنّ كلّ ما في الكون ينعكس في الإنسان".


كما تُظهر "مذكرات الأرقش" إلى "أي قدْر ينشغل المرء بقشور يومية متوهّماً أنها لبّ حياته، بينما هي في الواقع قشور تجعله يسهو عن معنى وجوده الحقيقي الذي هو الاتصال بذاته التي هي من الله وإلى الله تعود".


دعوة إلى الصمت

رواية نعيمه الجدّ، ومسرحيّة نعيمه الحفيدة، يدعوان إذاً للصمت. هنا تشير صاحبة الكتاب الجديد أنّ شخصيّة الأرقش حين تظهر في كتاب ميخائيل نعيمه، يقول الكاتب على لسانها: "الناس قسمان متكلمون وساكتون. أنا قسم الإنسانية الساكت أما الباقي فمتكلمون". أما هي في مسرحيّتها فتقول على لسان الأرقش عندما يظهر على المسرح، شعراً مقفّى بالإنكليزيّة:


People are of two categories

The talkative and those with silent allegories.

As for those who are born with no speech

It is eternal wisdom that decided that breach.

I have placed myself in the worlds of silence

And I’ve been able to taste its deliverance.

But speakers are blind to the ugliness of their words

They abuse their words and transform them to curse.



تفاعل صامت

إذاً يركز نعيمه على الصمت وأهميته، وكم أنّ الأرقش صامت بتفاعلاته وأفكاره. وكلّ تفاعلاته مع الوجود وخالق الوجود، ذاتية داخلية. وهو كذلك في النسخة الممسرحة من الرواية، حيث يظهر على خشبة العرض في مقهى عربي في نيويورك.


إسم مالك المقهى شين، ومن أبرز صفاته أنّه ماديّ جدّاً، بعكس عامل المقهى الأرقش الذي لا يُكشف اسمه سوى في نهاية القصة أو آخر المسرحية.


لكنّنا نعلم من خلال تفاصيل الأحداث أنه فاقد للذاكرة، يعمل من دون مقابل مادي، ولا ينال عن عمله سوى مأكله ومأواه. يقيم بطل الرواية والمسرحية في غرفة تابعة للمقهى تُستخدم كمستودع بضائع، ويتفاعل الأرقش مع صاحب المقهى والزبائن بالصمت. لا نعرف اسمه ولا من أين أتى. لكنّ الأستاذة سهى حدّاد نعيمه تترك لقارئ نصّ مسرحيّتها مفاجأة الختام.


نصّ بين دفّتيْ كتاب تطلقه في احتفال يقام في "جامعة هايغازيان" الخميس 23 كانون الثاني الجاري، الساعة 5:30 عصراً، عساه يتحوّل في وقت قريب إلى عرض مسرحيّ فعليّ.