عماد موسى

مطبخ نوّاف سلام

سمعت للمرة الأولى بالمطبخ الصِحافي في كلية الإعلام والتوثيق. انطباعي الأول أن المطبخ هو كافيتريا الجريدة ثم توضحت الصورة تباعاً ففرنسوا عقل مثلاً طبّاخ وإميل داغر "شيف" في صياغة الخبر ومثلهما قافلة من الأسماء المجهولة. امتهنت العمل التلفزيوني إلى جانب الصِحافة المكتوبة لأربعة عقود قابلة للتمديد عقدين على الأقل ـ وأخالف القائلين تبجحاً إنها مهنة البحث عن المتاعب ـ تعرفت في خلالها إلى عدة مطابخ صحافية من قرب ومن بعد وتبيّن لي أن المندوبين الشطّار وأرباب السكوبات وكبار المحللين مدينون لمن يعنون ويصحّح ويعيد طبخ الخبر والمانشيت والتحليل، وأعوذ بالله من كلمة تحليل، لتصبح الجمل المعوجة والأفكار الفوضوية صالحة للنشر. هذا المطبخ أعرفه.


المطبخ الثاني هو حيث أمارس شغفي بإعداد أطيب ملوخية بالتاريخ المعاصر، وأشهى أنواع الباستا المبتكرة بصلصات لم تعهدها البشرية، وألذّ نمورة على وجه المعمورة، هذا إن لم يخنّي الغاز المتذبذب الحرارة. واجهت في مسيرتي كـ"شيف" اعتراضات كثيرة وفي مقدمها اعتراض على الفوضى العارمة المتأتية عن عمليات "الفرم" و"العصر" وبقايا الزيت على بلاط المطبخ.


المطبخ الثالث، هذا الذي أطمح أن يطبخني وزيراً، هو المطبخ الحكومي.


من يدير المطبخ؟ في عهد الوصاية السورية لا موجب لهذا السؤال. بعد انسحاب جيش الأسد من لبنان كثر طبّاخو الحكومات وآخرهم، وليس أوّلهم، رئيس الحكومة المكلف. هذا لا يعني أن ليس له رأي "بالخالص" إنما يحتفظ برأيه لنفسه.


ماذا يقول الدستور؟ ليس مهماً ما ينص عليه الدستور في مسألة طبخ الحكومات، فجميع القوى السياسية "تحط" يدها في "الطبخة" أما حق الفيتو، بحكم عرف آخر عشرين سنة، فمنوط باثنين: الخليلان كجسم واحد، ورئيس الجمهورية. من استسلم للعرف أمضى شهوراً في تدوير الزوايا و"تربيع" الدوائر وخفض سقوف التوقعات ومن لم يعجبه "طبش الباب وراءه "ومشى كما فعل سعد الحريري وبعده مصطفى أديب.


في هذا الإطار المطبخي، يُسجل لنوّاف سلام، سعيه المشكور والمبرور في العودة إلى الدستور، هذا الأمر لا ولن يعطّل المطابخ الموازية ولا ولن يوقف شهية الاستيزار لدى كل من يجد في نفسه الكفاءة لخدمة بلده الحبيب،لبنان.


من هذا المنطلق الخدماتي والوطني تمنيت على أحد النواب الأصدقاء اقتراح اسمي لتولي حقيبة السياحة لدى السادة الطبّاخين فجاء جوابه حرفياً:


"اتخذ قرار لا رجوع عنه: لا نواب. لا حزبيين. لا وزراء سابقين.


لا صحافيين، لا مرئي لا مسموع ولا مكتوب.


نعم لمشجعي نوادي الحكمة والرياضي والنجمة والأنصار.


على شرط ما يكونوا جماعة الأنصار مناصرين لأي حزب، النجادة inclus".