جاد حداد

ما سبب هذا الخدر في يديّ وقدميّ؟

25 أيلول 2020

02 : 00

هل تستيقظ أحياناً وأنت تشعر بخدر كامل في يديك؟ هل تبدو لك يدك ثقيلة أو مشلولة أم تشعر ببعض الوخز أيضاً؟ هل تنهض من عشاء طويل أو تقف بعد مشاهدة فيلم لساعات وتنتابك الأحاسيس نفسها في ساقَيك؟ هل يعود الوضع إلى طبيعته بعد دقائق قليلة إذا حرّكتَ يديك أو دُسْتَ على قدميك؟ إنها حالة شائعة! تعني هذه الأعراض بكل بساطة أن أعصابك مضطربة. بشكل عام، تنجم أعراض الخدر والوخز وأي مؤشرات أخرى على التنميل عن وجود خلل في الوظيفة العصبية. وحين تكون المشكلة متقطعة وموقّتة وترتبط بالحفاظ على الوضعية نفسها لوقتٍ طويل، نادراً ما تُعتبر الحالة مقلقة. يتعلق السبب في هذه الظروف بالضغط على عصب واحد أو أعصاب متعددة تصل إلى اليدين أو الساقين. وحين يزول ذلك الضغط (عبر تغيير الوضعية مثلاً)، تتلاشى المشكلة تلقائياً. لكن تبرز عوامل أخرى وراء المشاكل العصبية (أكثر من مئة!) وقد تُسبب أعراضاً مشابهة لكنها تكون مطوّلة ودائمة. إذا كنت تصاب بإحدى هذه الحالات، يجب أن تعرف أن 20 مليون شخص آخر يتعرضون أيضاً لنوعٍ من الاعتلال العصبي المحيطي المسؤول عن خدر اليد أو القدم أو الوخز فيهما.



الاعتلال العصبي المحيطي

لفهم طبيعة هذا الاضطراب، لا بد من توضيح بعض المصطلحات الطبية الشائعة:

• يشير الاعتلال العصبي إلى مرض في الأعصاب ويصيب الجهاز العصبي المحيطي الذي يشمل الأعصاب خارج الدماغ والحبل الشوكي. تكون أعصاب الساقين والذراعين جزءاً من الجهاز العصبي المحيطي وهي أول الأجزاء المتضررة بسبب أمراض الأعصاب المحيطية.

• ينشأ الاعتلال العصبي الانضغاطي (أو الانزلاق) نتيجة الضغط على أحد الأعصاب. تُعتبر متلازمة النفق الرسغي نوعاً معروفاً من هذا الاضطراب، وهي تنشأ حين يصبح العصب منضغطاً في قناة ضيقة أصلاً من المعصم. لكنّ الخدر في اليد أو القدم وضع مختلف. تكون هذه الحالة موقّتة لحسن الحظ. أما متلازمة النفق الرسغي، فغالباً ما تكون مزمنة.

• التنميل هو شعور بالوخز أو الخدر أو إحساس غير طبيعي آخر يرتبط عموماً بالاعتلال العصبي المحيطي. يكون خدر اليد أو القدم نوعاً موقتاً من التنميل.



متى تصبح استشارة الطبيب ضرورية؟

إذا كنت تشعر بخدر في يديك أو قدميك من وقتٍ لآخر ثم تسترجع وضعك الطبيعي سريعاً، لا داعي كي تتصل بطبيبك. في المقابل، لا تتردد في استشارة الطبيب إذا أصبحت حالة الخدر أو الوخز أو أي أحاسيس غريبة أخرى دائمة. إنها خطوة أساسية إذا سبّبت لك هذه الأحاسيس صعوبة في المشي أو الإمساك بالأغراض. يُفترض أن يحلل الطبيب وضعك بدقة وقد يفكر على الأرجح بالأسباب المحتملة للاعتلال العصبي المحيطي، نذكر منها:

• مرض السكري هو السبب الأكثر وضوحاً للاعتلال العصبي المحيطي: إنه العامل المؤثر في ثلث الحالات تقريباً. حتى أن ذلك الاعتلال يكون أول مؤشر على إصابة الفرد بالسكري أحياناً.

• أمراض الكبد والكلى والغدة الدرقية.

• نقص التغذية، مثل نقص الفيتامين B12 أو أي فيتامينات أخرى: يُعتبر الفيتامين B6 أساسياً في هذا المجال لأن الاعتلال العصبي قد ينجم عن نقص فيه أو فائض منه. نادراً ما يصاب الناس بنقص في الفيتامين B6، لكنهم أكثر عرضة لتلقي فائض منه عبر المكملات الغذائية.

• الكحول وسموم أخرى: يُعتبر استهلاك الكحول على الأرجح السبب الأكثر شيوعاً للاعتلال العصبي السام. حتى أن المدمنين على الكحول قد يصابون بنقص غذائي يُسبب لهم اعتلالاً عصبياً.

• تتعلق عوامل مسيئة أخرى ببعض الأدوية، بما في ذلك أنواع من المضادات الحيوية وأدوية العلاج الكيماوي أو الرصاص والزئبق وسموم كيماوية وصناعية أخرى.

• أمراض الأوعية الدموية: تنشأ هذه الأمراض نتيجة اختلال وصول الدم إلى عصب محيطي، كما يحصل مثلاً عند الإصابة بتصلب الشرايين. يصبح العصب شائباً أو يموت في هذه الحالة.

تبرز أسباب أخرى للاعتلال العصبي، منها التهاب الأعصاب أو انضغاطها أو تعرّضها لصدمة معينة، بالإضافة إلى الالتهابات وأمراض المناعة الذاتية التي تصيب الأعصاب. تجدر الإشارة إلى ظهور ثلث الإصابات تقريباً من دون سبب واضح، وتُعرَف هذه الحالة باسم الاعتلال العصبي مجهول السبب. باختصار، تتعدد أسباب الاعتلال العصبي المحيطي وتتراوح بين حالات حميدة ومزعجة واضطرابات خطيرة ولا تُطاق. عندما يساورك أدنى شك، استشر طبيبك. لكن حاول ألا تقلق حين تشعر بخدر بسيط في يديك أو قدميك إذا بقيتَ في وضعية واحدة لفترة طويلة، طالما تقتصر المشكلة على بضع دقائق ولا تتكرر طوال الوقت. إنها حالة طبيعية!

حين تشاهد فيلماً في المرة المقبلة إذاً، لا تنسَ أن تغيّر وضعيتك وتُمطط جسمك وتُحرّك أطرافك حتى لو كنت منغمساً في فيلم ممتع!


MISS 3