عودة: ألم يحن الوقت ليكون لنا وطن يجمعنا ولا تمزّقه خلافات الزعماء؟

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس. وبعد قراءة الإنجيل المقدس ألقى عظة جاء في شقها السياسي:

"يـا أحـبّـة، لـقـد قَــدّمَـتْ والِـدَةُ الإلـه أثْــمَــنَ مـا لَــدَيْـهـا، ابـنَـهـا، إلـى الـهَــيـكـل. فَــلْـنَــتَـعَــلَّـمْ مِـنْ هـذا الـعــيـدِ أنْ نَــنْـذُرَ قُـلـوبَــنـا لِــلـربّ، ونُــقَــدِّمَ أقْـصـى مـا لَــدَيْــنـا لِــلْــوَطَــن: حُــبَّــنـا وَوَلاءَنـا ودَعْــمَــنـا. ألَـمْ يَـحِــنِ الـوقْــتُ لِــيَـكـونَ لَــنـا وطَــنٌ يَـجْـمَـعُـــنـا ولا تُـمَـزِّقُــهُ خِـلافـاتُ الـزُعَــمـاءِ ومَـنْ يُـنَـصِّـبــونَ أنْــفُـسَـهُـم قــادَةً، وأهْــواؤهُـم وَمَـصـالِـحُـهُـم وَشَــبَــقُــهُـم إلـى الـسُـلْـطَـةِ أو الـتَـسَـلُّـط؟


هـل كَــثـيــرٌ أنْ يَـحْـلَـمَ الـلـبـنـانـيـون بِــوَطَــنٍ مُـتَـمـاسِـكٍ، مَـحْـكـومٍ مِـنْ سُـلْـطَـةٍ قَـوِيَّـةٍ، عـادِلَـةٍ، تَــفْــرُضُ هَــيْــبَــتَـهـا عـلـى الـجَـمـيـعِ بِـقُــوَّةِ الـقـانـونِ والـعَــدالـة؟ الـمُـسـاوَمـاتُ والـتَـرْقـيـعُ والـحُـلـولُ الـوَسَـطُ لا تَــبْــنـي دَولَـةً. الـحُـلـولُ الـجَــذْرِيَّـةُ الـمَــبْــنِــيَّـةُ عـلى الـدُسـتـورِ والـقـانـونِ هِـيَ الـتي تُـؤَدّي إلـى قِـيـامِ الـدَولـةِ، ووَحْـدَهُـم رِجـالُ الـدَوْلَـةِ يَـعْــمَـلـونَ بِـتَـجَـرُّدٍ، ويَــتَّـخِــذون الـقَــراراتِ الـصَعْــبَـةِ الـتـي تَــضَـعُ مَـصْـلَـحَـةَ الـبَـلَــدِ فَــوْق كُــلِّ الـمَـصـالـح، ويُــجـاهِــدون مِـنْ أجْــلِ تَـغْــيــيــرِ الـعَــقْــلِــيَّـةِ والـنَـهْـجِ الـلَــذَيْـن أوْصَـلا الـبَــلَــدَ إلـى الإنـهِــيـارِ والـتَــفَــكُّــكِ، ولا يَـخْـضَـعــونَ لأيِّ ضَـغْــطٍ أو ابْــتِــزازٍ أو تَـهـديـد.


بـالـتَـصْـمـيـمِ والـشَـجـاعَـةِ والإصْـلاحِ والـشَـفـافِـيَّـةِ، لا بـالـتَـعَــلُّـقِ بِـأعْــرافٍ غَـريـبَـةٍ عَـنْ روحِ الـدُسْـتـورِ ونَـصِّـه، تَـسْـتَـعــيـدُ الـدَوْلَـةُ دَوْرَهـا، وتَـسْـتَـعــيـدُ ثِــقَــةَ أبْـنـائِـهـا واحْــتِـرامَ الـخـارِج. عِــنْـدَهـا فَــقَــطْ يَــلْــتَــفِــتُ الـعـالَـمُ إلَــيـهـا ويُـسـاعِــدُهـا عـلـى الـنُـهــوضِ وبِـنـاءِ مـا قَــد هَــدَّمَــتْـهُ الحُـروبُ الـمُـدَمِّــرَةُ والـمَـواقِــفُ الـعَــبَــثِــيَّـةُ.


صَـلاتُــنـا أنْ يَـعــودَ الـجَـمـيـعُ إلـى رُشـدِهِـم ويَـسْـمَـعــوا صَـوتَ الـضَـمـيـرِ والـواجِــبِ، ويَـضَـعــوا مَـصْـلَـحَـةَ الـبَـلَـدِ قَــبْـلَ شَـغَــفِـهِـم بـالـسُـلْـطَـة، ويَـلْـتَــفِــتــوا إلـى مُـعــانـاةِ الـمُـواطِـنـيـن، وفـي طَــلـيـعَــتِـهِـم مَـنْ هُـجِّـروا مِـنْ أرضِـهِـم أو فَــقَــدوا أحِـبّـاءَهُـم أو خَـسِـروا مَـنـازِلَـهُـم وأرزاقَـهُـم، لِــتَـسْـتَــقــيـمَ الأُمـورُ ويَـخْــلُـصَ لـبـنـان. الـوَقْـتُ ثَـمـيـنٌ ولُـبـنـانُ بِـحـاجَـةٍ إلى عَــمَـلٍ مُـضْـنٍ وجَـهْــدٍ كـبـيـر. أمَـلُـنـا ألاّ يَـطـولَ الإنْـتِـظـار".