تواصل إيران مساعيها المحمومة لامتلاك السلاح النووي، متجاهلةً القيود والاتفاقات الدولية، في خطوة تعكس نزعتها العدوانية واستراتيجيتها القائمة على التهديد والابتزاز. ولا يقتصر الأمر على السعي إلى امتلاك قدرات نووية عسكرية، بل تستخدم طهران هذا الملف كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، على حساب أمن المنطقة والعالم.
دأب النظام الإيراني على تضليل العالم عبر الترويج لبرامج فضائية سلمية، غير أن الحقائق والوثائق المسرّبة تكشف زيف هذه الادعاءات. فموقعا "شهرود" و"سمنان"، اللذان يُقدّمان كمراكز أبحاث، هما في الواقع منشآت سرية لتطوير الأسلحة النووية تحت إشراف منظمة الأبحاث الدفاعية المتقدمة. كما تنتهج إيران استراتيجيات مراوغة، منها تفريق مكونات برنامجها النووي بين مواقع متعدّدة، وبناء منشآت تحت الأرض، فضلاً عن عزل العلماء النوويين لمنع تسرّب المعلومات.
تهديد مباشر للدول العربية
أفادت مصادر في المعارضة الإيرانية في الخارج لـ "نداء الوطن" بأن النظام الإيراني يسرّع وتيرة تطوير رؤوس نووية مصمّمة لحملها على صواريخ باليستية، ما يشكّل تهديداً مباشراً لجيرانه في الخليج العربي، فضلاً عن أوروبا وآسيا. وتشير التقارير إلى أن طهران نجحت بالفعل في تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقترب من العتبة النووية، في مؤشر خطر إلى نواياها العدائية.
وأكدت المصادر أن امتلاك إيران للسلاح النووي يشكّل تهديداً وجودياً للدول العربية، حيث يمنحها قدرة على فرض معادلة قوى جديدة في المنطقة على حساب الأمن الخليجي، ما يزعزع التوازن الاستراتيجي بشكل غير مسبوق. والأخطر من ذلك، أن امتلاك هذا النظام لقوّة نووية سيؤدّي إلى تصعيد حاد في بؤر التوتر، مثل اليمن، السودان، العراق ولبنان، حيث تعمل الميليشيات الموالية لطهران كأذرع عسكرية لتنفيذ مخطّطاتها التوسعية وزعزعة استقرار المنطقة.
من شأن هذا السيناريو أن يدفع دول المنطقة إلى إعادة تقييم سياساتها الدفاعية، وربّما يدفع بعض الدول العربية للسعي إلى امتلاك قدرات ردع نووية، ما يعني دخول المنطقة في سباق تسلّح غير مسبوق، ما يهدّد الاستقرار الإقليمي ويضع العالم أمام كارثة محتملة. كما أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيجعلها أكثر جرأة في تدخلاتها العسكرية والسياسية، ما سيزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية.
مواقع سرّية وتصعيد عسكري
أظهرت وثائق مسرّبة من المعارضة الإيرانية أن طهران وضعت خطة لإنتاج خمسة رؤوس نووية بقوة تفجيرية تصل إلى 10 كيلوطن من مادة "تي أن تي". وعقب انكشاف برنامج "أماد"، نُقل المشروع إلى منظمة الأبحاث الدفاعية المتقدمة، حيث يُستكمل العمل بسرّية تامة في موقع سمنان تحت غطاء محطة إطلاق الإمام الخميني الفضائية.
إضافة إلى ذلك، كشفت مصادر المعارضة عن مواقع حساسة تُستخدم لإخفاء الأنشطة النووية، مثل "قاعدة الإمام الرضا" شمال شرق طهران، حيث يعمل فريق من العلماء على تطوير رأس نووي يمكن تحميله على صاروخ "قائم 100" الباليستي، الذي يصل مداه إلى 3000 كيلومتر. وعلى الرغم من وفاة العميد حسن طهراني مقدم، العقل المدبّر لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، في انفجار غامض عام 2011، استمرّ العمل على هذا المشروع.
في سياق متصل، يُعد موقع سمنان مركزاً رئيسياً لتطوير صواريخ بعيدة المدى تعمل بالوقود السائل، حيث يجري العمل على صاروخ "سيمورغ" القادر على حمل رؤوس نووية داخل منشآت تحت الأرض يصعب اكتشافها عبر الأقمار الاصطناعية. وتشرف شركة "شمس عمران"، التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، على بناء هذه المنشآت، ما يعكس تسارع البرنامج النووي الإيراني بشكل غير مسبوق.
هل يتحرّك العالم؟
في ظلّ هذا التصعيد الخطر، دعت المعارضة الإيرانية إلى إعادة فرض العقوبات الدولية على البرنامجَين النووي والصاروخي الإيرانيَين، وتوسيع صلاحيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتمكينها من التفتيش من دون قيود، ووقف أي تعاون تقني أو اقتصادي مع طهران. كما شدّدت على أن النظام الإيراني لن يتخلّى عن طموحاته النووية طواعية، ما يستوجب موقفاً دولياً أكثر صرامة لكبح جماحه قبل فوات الأوان.
يبقى البرنامج النووي الإيراني أكبر تهديد للأمن الإقليمي والدولي، ما يستدعي تحركاً عاجلاً لمنع هذا النظام من تحقيق أهدافه العدائية، قبل أن يصبح التهديد النووي الإيراني أمراً واقعاً يفرض نفسه على العالم بلا رجعة. إن التهاون اليوم قد يُفضي إلى كارثة غداً، فهل يتحرّك المجتمع الدولي قبل فوات الأوان؟