طوني أبي نجم

فلتسقط كل حكومات "فيشي"!

28 أيلول 2020

02 : 00

ماذا لو لم يعتذر الرئيس مصطفى أديب وتمكّن من تشكيل حكومته، وبالمواصفات التي يريدها مع الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين وقصر الإليزيه؟

هل كانت مثل هذه الحكومة لتتمكن من الحكم واتخاذ أي قرار مهما كان كبيراً أو صغيراً، وفي أي شاردة أو واردة، لا يوافق عليه "حزب الله"؟

هل كانت مثل هذه الحكومة لتتمكن من القيام بأي إجراء إصلاحي، وفق ما كان يسعى الفرنسيون إليه، في حال كان "حزب الله" يرفضه؟ هل كانت لتتمكن من تلزيم إعادة مرفأ بيروت لشركات عالمية واتخاذ تدابير وإجراءات في ما يتعلق بالحدود البرية والمرافئ الحدودية وكل ما يمسّ مزاريب التهريب الخاصة به وببيئته؟

هل كانت هذه الحكومة لتتمكن من القيام بأي تعيينات إدارية أو أمنية أو عسكرية أو قضائية أو ديبلوماسية أو رقابية في حال كان "حزب الله" يرفض الأسماء؟

الأجوبة عن كل الأسئلة التي سبقت وسواها من مثيلاتها واضحة ولا تحتاج إلى أي اجتهاد: هذه الحكومة لو تشكلت، تماماً كأي حكومة أخرى مهما كان لونها أو شكلها أو حجمها، لن تكون قادرة على القيام بأي شيء من دون الحصول على موافقة مسبقة من "حزب الله" الذي كان سيعطّل كل ما لا يناسبه لسبب بسيط وهو أنه "الآمر الناهي" في لبنان نتيجة هيمنته بسلاحه وجهازه الأمني على كل تفاصيل البلد، ولأنه في كل مرّة يهدّد بـ"الفتنة الداخلية" كشعار منمّق لـ"الحرب الأهلية" التي يحتفظ حزب إيران في لبنان بقرارها بين حارة حريك وطهران.

بناء على كل ما تقدّم، لا يمكن لأحد أن يحزن لسقوط المبادرة الفرنسية أو لاعتذار مصطفى أديب. فـ"حزب الله" عطّل كل إمكانات الإصلاح في كل الحكومات السابقة قبل انعقاد مؤتمر "سيدر" وبعده، وهو سيستمر بالتعطيل طالما هو موجود بعتاده وسلاحه وعديده لأنه يمثل رأس حربة المشروع الإيراني في المنطقة، هذا المشروع الذي لا يناسبه قيام دولة فعلية في لبنان! وهنا نصل إلى لبّ المشكلة، مشكلة المبادرة الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون. فالرئيس الفرنسي أتى ليجرّب فعل ما فعله الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل 28 عاماً: فصل الاقتصاد عن السيادة والسياسة. وكانت النتيجة بعد 13 عاماً، أي في الـ 2005، أن رفيق الحريري اغتيل والاقتصاد الذي كان شهد مراحل نمو، إنما بكلفة باهظة، لم يتمكن من الصمود فسقط تحت ضربات الاحتلال من سوريا إلى إيران بفعل شلّه وتكبيله ومنع قيام مؤسسات فعلية تمارس المحاسبة والمراقبة. لذلك كان من السذاجة بمكان أن يحاول إيمانويل ماكرون أن يكرر السيناريو نفسه.

لا يمكن قيام دولة في لبنان ولا قيام اقتصاد ولا تنفيذ إصلاحات في ظل الاحتلال، واليوم عنوان الاحتلال هو إيران ممثلة بـ"حزب الله". أي حكومة في ظل هذا الاحتلال ستكون في أفضل الأحوال أشبه بـ"حكومة فيشي" خلال الاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية. ولبنان يا سيد ماكرون لا يحتاج اليوم إلى "جنرال بيتان" بل يحتاج حتماً إلى "جنرال ديغول" لتحقيق التحرير، وعندها فقط سنتمكن من بناء الدولة والنظام والاقتصاد...


MISS 3