هل يعود "تيار المستقبل" إلى السياسة بعد تعليق الرئيس سعد الحريري للعمل السياسي قبل سنوات؟ سؤال تتواتر حوله الإجابات وتكثر التحليلات التي تفيد بأنّ هذا القرار لم يعد بعيداً جداً. الحريري عاد قبل أيام وسيعلن اليوم ما هي خطته السياسية من اليوم وصولاً إلى الانتخابات النيابية في أيار 2026.
يرتفع منسوب الشوق لدى اللبنانيين من أجل معرفة ما الذي سوف يُعلنه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري في ذكرى اغتيال والده العشرين. هذا الشوق رَفَعَ منسوبه الحريري نفسه، يوم دعا الجماهير وكل الصحافيين الذي سألوه خلال جولاته على الرؤساء التي سبقت الذكرى، عن مكنونات ما يختزنه في صدره... وكان جوابه إليهم موحداً: "اسمعوني يوم الجمعة".
المعلومات تفيد بأنّ الحريري يتوجّه إلى "تعليق التعليق". أي إلى كسر صيامه السياسي وعودة تياره الأزرق إلى العمل، لكن ليس بشكل كامل. إذ ترجّح مصادر سياسية على معرفة بخفايا ما سيعلنه رئيس الحكومة الأسبق اليوم، بأن الخطوة خلال الذكرى ستكون عبارة عن خطاب سياسي يعلن خلاله ضمناً "نصف تعليقٍ" للاعتكاف السياسي، ويترك الباب موارباً حتى موعد الانتخابات النيابية في أيار العام 2026 المقبل.
وعليه، فإنّ ثمة من يرجّح أن يبقى الرئيس الحريري بعيداً نسبياً عن المشهد السياسي، على أن يترك القرار في إدارة التيار إلى العائلة، وتحديداً إلى عمته بهية الحريري التي ستكون مكلّفة بإدارة التيار، على أن يتولّى ابنها الأمين العام لـ "تيار المستقبل" أحمد الحريري، زعامة العاصمة الجنوبية صيدا بدلاً منها.
لكن برغم ذلك، لا تبدو عودة التيار إلى المعترك السياسي مفروشة بالورود. إذ لا يزال التيار حتى اللحظة، يرزح تحت الكثير من الأزمات، وعلى رأسها: الأزمة المالية، التي كانت السبب المباشر خلف إبعاد "تيار المستقبل" عن الحياة السياسية في لبنان. وهو نفسه الذي يدفع الرئيس الحريري إلى التريّث في العودة الكاملة إلى السياسة، خصوصاً أنّ الانتخابات النيابية ما زالت على بُعد سنة وبضعة أشهر من اليوم، بينما المتغيّرات على الساحة الإقليمية من اليوم إلى حينه قد تكون كبيرة .
أضف إلى هذا، فإنّ التيار يبدو محاصراً سياسياً لأسباب عدة، يُذكر منها التالي:
أولا، نزيف جماهيري منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول إلى اليوم. بل منذ السير بالتسوية التي أفضت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً، وما رافقها من تحالف سياسي مع "التيار الوطني الحرّ"، أكل من شعبية التيار الأزرق من داخل الطائفة السنيّة. ناهيك عن الأخطاء السياسية وبينها الاستسلام لهيمنة "حزب الله" على مفاصل الدولة.
ثانياً، خسارة رئاسة الحكومة، التي طارت من يد "حافظ الأمانة" الرئيس نجيب ميقاتي، لصالح خصمٍ شرس اسمه نواف سلام. فمن المتعارف عليه أنّ الرئيس الحريري كان يعتبر أن رئاسة الحكومة في أمان طالما هي بيد ميقاتي الذي لم يستفز الزعامة الحريرية يوماً. بل على العكس، حافظ على حصتها بين أطراف المنظومة وحصّنها. أما مع وصول سلام إلى رئاسة الحكومة فإنّ العودة قد تبدو صعبة، إن لم نقل شبه مستحيلة، خصوصاً إذا استطاع سلام تثبيت دوره وحجز لنفسه كرسياً في الزعامة السنّية وفي نادي رؤساء الحكومات.
وسط هذا كلّه، تتقاطع المؤشرات عند خلاصة تفيد بأنّ "تيار المستقبل" في حال قرّر العودة إلى الحياة السياسية من بوابة الانتخابات، فإنّه سيكون محكوماً بخارطة محدّدة من التحالفات. إذ تتواتر المعلومات حول احتمال تحالف "المستقبل" مع "التيار الوطني الحر"، من غير أن يُستبعد الانضمام إلى هذا التحالف كل من "حزب الله" و"تيار المردة" وبعض الشخصيات السنيّة الممتعضة من استبعاد رئيس الحكومة الجديد لكتلهم خلال تشكيل الحكومة، باعتبارها الخطوة الأولى لظهور "المعارضة الجديدة".