مايا الخوري

رافي ماندليان: الجاز يشبه الشعب التوّاق إلى الحرية

1 تشرين الأول 2020

02 : 00

بعد إنفجار 4 آب، سجّل المؤلف الموسيقي وعازف الجاز "رافي ماندليان" أغنية "بيروت" لفرقة “Libercuff”، كما أحيى حفلاً موسيقياً ذا طابع "تانغو" و"غجري" مع فرقةٍ كرسالة أمل لغد مشرق. عن الجاز، والموسيقى، ومشاريعه، يتحدث إلى "نداء الوطن".

ما شهدته "بيروت" مدينة الثقافة والموسيقى، عاصمة المبدعين والفنانين، مؤلم وموجع إنسانياً قبل أي شيء آخر بالنسبة إلى المؤلف الموسيقي رافي ماندليان، لذا حاول بداية التواصل مع من يمكن المساهمة معهم في دعم المنكوبين، قبل التفكير في أي تعبير موسيقي تجاه النكبة.

يقول:"تضاربت المشاعر والأحاسيس في تلك اللحظة، وأصبحت كمن فقد الحواس، ما إحتاجني لبعض الوقت حتى أستعيد مشاعري وأفكاري وتقبّل الواقع. في تلك الفترة، كنت أتعاون مع فرقة “Libercuff” التي تحكي مؤلفاتها الموسيقية الغربية عن "لبنان" و"بيروت" والحياة فيها منذ عام 1975. حيث خططنا لتسجيل حوالى 120 أغنية مؤلفة منذ سنوات لكنّ الأوضاع الإقتصادية والمالية ومن بعدها "كوفيد 19" حالت دون تنفيذ المشروع. لكن بعد مرور أسبوع من الإنفجار، قررنا تسجيل أغنية "بيروت" حتّى أعبّر عن مشاعري تجاه ما حدث".





ويرى ماندليان أنه من الطبيعي تأثر الموسيقي بما يدور حوله لكنه في النهاية، وإن تأخّر في الإبداع، لا بدّ من أن يعبّر، لتكون أعماله مبشّرة بالأمل والخير والحب، من هذا المنطلق لا يتخوّف من مستقبل الإبداع الفنيّ. لأنه مهما صعبت الظروف لم تتوقف الموسيقى يوماً، ولا الإبداعات الفنية. صحيح أن ثمة تفاوتاً في مستوى ما يقدّم راهناً، إلا أنني أفتخر بالموسيقيين اللبنانيين المبدعين بأعمالهم سواء كانوا من جيل مخضرم أو من الجيل الجديد.

منذ ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، بدأ الغيتار يؤدي دوراً في موسيقى الجاز، وفق ما يقول ماندليان، فإعتُبرغيتار الجاز نوعاً موسيقياً جديداً لكنه إتخذ مكانة مهمّة، بفضل تمايز صوته، خصوصاً أنه آلة هرمونية وميلودية في آن، لذا يؤدي دوراً شبيهاً بدور البيانو في الفرقة الموسيقية.

ويضيف: "ما يميّز موسيقى الجاز، إعتمادها على الإرتجال، الذي هو عنصر متوافر في أنواع موسيقية عدّة عالمياً، إنما هو خليط ما بين الإيقاع الأفريقي الذي أتى مع الأفارقة الذين أموّا أميركا، والموسيقى الأوروبية التي أتت أيضاً إلى أميركا. فبدأ الجاز كتعبير عن الألم والوجع والحرية. صحيح أنه غيرمنتشر محلياً لكنني إكتشفت بفضل الدروس الموسيقية التي أقدّمها في الجامعة أن الطلاب الذين يتعرّفون إليه يحبّونه". لافتاً إلى القاسم المشترك بيننا وبين هذه الموسيقى. إلى ذلك كلما قدّمنا الجاز برأيه سيتعرف الجمهور أكثر إليه ويحبّونه، "خصوصاً أننا جميعاً نسعى إلى الحرية، مثل حرية التعبير في هذه الموسيقى وكسر القوانين الموضوعة لها".

برأي ماندليان، قيمة الآلة الموسيقية لا تُحدد مادياً، إنما بمشاعر الموسيقي وأحاسيسه المترجمة عبر هذه الآلة، فالموسيقى تتحدى الموت بالمعنى المجازي وتملك قوّة غير مفهومة حيث هي قادرة على نقل الإنسان من وضع نفسي صعب إلى حال من الغفران والأمل والحب.





وفي إطار العودة التدريجية إلى الحياة، والحفلات الموسيقية المتنوعة ما بين الإفتراضي والحضوري، أحيى ماندليان مع فرقة موسيقية حفلاً منذ أسبوع تقريباً، حضورياً، فكيف تحقق ذلك؟ يجيب: "حين كنّا نصوّر مقطعاً موسيقياً لأغنية "هبة طوجي"، حاولنا في فترة الإستراحة العزف بأسلوب "تانغو""غجري". وعلى أثر ذلك، قرّرنا تقديم حفل موسيقي من هذه الأجواء.إتخذنا كل الإجراءات الصحية اللازمة في أثناء التمارين، وكذلك في أثناء الحفل، حيث إلتزم الحضور بالتباعد الإجتماعي ووضع الكمّامة. لقد تعجّبت من تشوّق الناس للموسيقى وتعطّشها للحياة".

ورداً على سؤال حول "يوم الجاز العالمي" الذي كان يُنظّم في وسط بيروت والذي شارك فيه مراراً، يدعو ماندليان إلى دعم هذا الحفل السنوي مادياً، بشكل يفسح في المجال أمام مشاركة أوسع للموسيقيين المحترفين بدلاً من الهواة، خصوصاً أن الموسيقيين الذين شاركوا سابقاً لم يُكافأوا على جهودهم وتفرّغهم لإحياء الحفل".

وعن تصويره " cover quevendra" مع الفنانة منال ملاط، يشير إلى أنه تعرّف إليها منذ سنوات من خلال جمعية "heart beat"، التي تحيي حفلاً سنوياً لدعم أطفال مرضى القلب. ففي فترة العزل المنزلي وإقتصار الأعمال الفنية على مقاطع مصوّرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، عرضت عليه إعادة توزيع هذه الأغنية لتقديمها معاً، وهكذا صوّرا الأغنية في أجواء صيفية على البحر. ويقول:" كلمات هذه الأغنية تشبه واقعنا والمستقبل المجهول الذي نعيش".


MISS 3