نوال نصر

لا مستحيل تحت عين الشمس

آية أول طفلة تولد من إمرأة بلا رحم!

2 تشرين الأول 2020

02 : 00

لحظة رأت آية النور

لا شيء مستحيلاً تحت ضوء الشمس، فها هي الأردنية رهام شحادة (28 عاماً)، التي عرفت بعد أن أصبحت صبيّة أن رحمها بقي "طفولياً" وأنها لن تُصبح أماً، حملت بطفلة آية في الجمال هي اليوم مولودتها آية. فكيف لإمرأة برحم طفلة، كي لا نقول بلا رحم، أن تحمل وتلد؟

يوم رأيناها كانت تشعّ فرحاً لأن اختباراً علمياً أخضعت له في مستشفى "بلفو" في لبنان، قضى بتبرع والدتها لها بالرحم، وبعد أحد عشر شهراً من خضوعها لعملية زراعة الرحم حملت بعد أول محاولة نقل أجنة إليها. وفي 13 كانون الثاني، بينما كان لبنان يرزح تحت نير ظلام شبه دامس سياسياً واقتصادياً وصحياً، تسلل نور آية التي ولدت في الأسبوع الخامس والثلاثين من الحمل. أتت آية بعملية قيصرية بزنة 2,6 كيلوغرام وبصحة جيدة. وها هي رهام الام تستعد اليوم، بعد ثمانية أشهر على ولادة آية، الى نقل أجنة ثانية. هي بشرى جميلة في زمن فيه كثير من العتمة الدامسة.

لبنان الذي تسوده الضبابية في كل شيء ونظامه الصحي مهدد أصبح أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحتل صدارة دول المنطقة في زراعة الرحم، وأحد الدول العشر في العالم التي تعيد الأمل لنساء غير قادرات على الحمل.



مع شريك عمرها في السراء والضراء



هو انجاز علمي رائع يستحق ان نتوقف عنه. فماذا قال جوزف عبود، الرئيس الفخري لقسم الأمراض النسائية في مستشفى ومركز "بلفو" الطبي البروفسور في الجراحة النسائية والتوليد عن حالة رهام؟ يجيب: "يوم وصلت رهام أجرينا لها فحوصات كثيرة بينها فحص نفسي للتأكد من مدى شغفها بالمرور باحساس الأمومة وبحراك الجنين في أحشائها. وحين تأكدنا من وجود الواهبة، والدتها، ومدى التطابق النسيجي وصحة شرايين الواهبة وحالة رحمها وخلوه من التليف، باشرنا العمل. سحبنا بويضات من رهام وجرى تخصيبها بالحيوان المنوي من زوجها، وبعد أن تأكدنا أن كل شيء على ما يرام حفظنا البويضات. بعدها قمنا باستئصال الرحم من الوالدة مع كل الشرايين الرئيسية نظفناه وغسلناه بالمياه والأدوية ووضعناه في الثلج ثم نقلنا رهام الى غرفة عمليات مجاورة وزرعنا الرحم فيها. واستغرقت العملية 16 ساعة. وبعد ان اصبح رحمها جاهزاً وضعنا البويضات فيه. وسنقوم باستئصال الرحم منها بعد ان تنجب طفلين لأنه لا يجوز ان تظل تأخذ أدوية المناعة، بسبب وجود رحم غريب في جسمها، طوال العمر".

آية ولدت وقد تلد رهام بعد مدة قصيرة طفلها الثاني. وهي اليوم تكاد تطير فرحاً.

هي تتذكر الآن جيداً يوم تعرفت الى خليل (زوجها الحالي) واحبته وطلب يدها وقالت له يومها: لا، لن أتزوجك. وحين أخبرته بحالِها أصرّ. تزوجته وانطلقت تقرأ عن حالها وآمنت دائماً أن شيئاً ما سيأتيها من حيث لا تدري، من السماء على الأرجح، يبدل كل حياتها. ويوم وقع نظرها على خبر عنوانه لا عقم بعد اليوم طارت من الفرح وفي مضمون الخبر: أن طبيبة وباحثة لبنانية تدعى رندا العاقوري أجرت أبحاثاً على الفئران عام 2001 أدت الى أول حالة ولادة لفأرة عبر عملية زرع رحم. الخبر الذي أسعدها خضعت لنفس تقنيته وها قد أصبحت أماً.

التقنية نفذت عليها في مستشفى "بلفو" الطبي بموجب اتفاقية مع جامعة جوثنبرج في السويد لتُصبح أول امرأة عربية تخضع الى اختبار زرع الرحم في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتركيا.

يوم تكلمنا معها في ايلول عام 2019 كانت حاملاً في شهرها الخامس. وها قد أعلنت المستشفى اليوم، بعد مرور أشهر على الولادة، أن الجميع أصبحن بخير رهام ووالدة رهام وابنة رهام. هو شعاع أمل أشرق.


MISS 3