مسعود محمد

بارزاني والكاظمي يقفان مع سيادة العراق

2 تشرين الأول 2020

02 : 00

ثوّار "بلاد الرافدين" يحتفلون بذكرى مرور عام على انطلاق شرارة الثورة في "ساحة التحرير" أمس (أ ف ب)

جوّ من الودّ والحوار الهادئ يدور في ما بين إقليم كردستان ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، برعاية ودعم رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، الذي عبّر عن دعمه للكاظمي، بحيث برز في الفترة الأخيرة تناغم كردي مع رئاسة الحكومة في بغداد على قاعدة حفظ وحدة العراق وإعادة الحياة لمؤسّسات الدولة وحصر السلاح بيد المؤسّسات العسكريّة الرسميّة ووضع حدّ للسلاح المتفلّت بيد الميليشيات التي تستخدمه لترجمة الأجندة الإيرانيّة في العراق.

وكان رئيس إقليم كردستان قد أعلن دعمه للحكومة الاتحاديّة في مواجهة استهداف البعثات الديبلوماسيّة والمصالح الأجنبيّة في البلاد، وذلك خلال لقائه مع وزير الدفاع الإيطالي لورينزو جويريني الثلثاء في أربيل، وفق بيان لرئاسة إقليم كردستان. وأوضح البيان أن إقليم كردستان يُقدّم كلّ الدعم لإجراءات الكاظمي في مواجهة استهداف وتهديد الجماعات المسلّحة للبعثات الديبلوماسيّة الأجنبيّة. وأضاف: "الإقليم ينظر بقلق إلى التطوّرات الأمنيّة في العراق"، معتبراً أنّه "يجب حماية البعثات الديبلوماسيّة لأنّ حضورها مهمّ وضروري في دعم البلاد ومساعدتها".

ولم يتأخّر الردّ الإيراني على هذا التفاهم، وطهران تعلم أن هذا التطوّر سيكون لصالح العراق دولة وحكماً، إذ يُساعد بتكريس السيادة العراقيّة على كلّ أراضي البلاد. فكان الردّ الإيراني عبر "الحشد الشعبي" بقصف أربيل بستة صواريخ من الموصل، وهذا القصف متعدّد الرسائل استهدف قاعدة عسكريّة للتحالف الدولي في أربيل ومقرّاً للحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني المعارض.

وفي هذا الصدد، قال أحد مستشاري الرئيس بارزاني: "الكرد كانوا دائماً إلى جانب فكرة بناء دولة عراقيّة، ولم يذهبوا أبداً نحو الإنفصال إلّا حين أصبحت الدولة تحت حكم ميليشيات كانت تُريد تفكيك الدولة ووضعها تحت سلطة إيران".

وأهمّ رسالة من القصف تكمن في أن أربيل ليست بمنأى عن مرمى "النيران الإيرانيّة"، وهذا يمسّ بمصالح الحكومة العراقيّة، لذلك على العراق أن يُحدّد طبيعة هذه الميليشيات وإعلانها إرهابيّة، حتّى لا يُصبح بلداً معزولاً دوليّاً. فالكاظمي يُقاتل دولة وليس ميليشيات، وهذه الدولة هي إيران، حتّى ولو كانت تختبئ خلف تلك الميليشيات.

وكان الكاظمي قد قام ردّاً على الثقة التي يوليها الكرد له بزيارة كردستان. وهدفت الزيارة إلى تصفير المشكلات مع الإقليم، والتي تتجلّى في الخلافات على تصدير النفط وبيعه من قبل الإقليم، وبالتالي حجب الرواتب عن الموظّفين الكرد من قبل الحكومة المركزيّة، وخلافات حول الأراضي "المتنازع عليها"، والجدل حول تطبيق المادة 140 من الدستور لحلّ هذه الخلافات.

وأثناء زيارته إلى كردستان، أراد الكاظمي إرسال رسالة إلى الدول المجاورة مفادها أن الإقليم ما زال جزءاً من أراضي العراق ولا يُمكن القبول بأي حال من الأحوال بتجاوز سيادته، خصوصاً بعد العمليّات العسكريّة التي شنّتها تركيا داخل أراضي الإقليم لاستهداف قوّات حزب "العمال الكردستاني" التركي، والتي راح ضحيّتها الكثير من أهالي المنطقة من المدنيين.

وبعد عمليّات مماثلة قام بها النظام الإيراني داخل الحدود المحاذية لأراضيه، النتيجة الأولية لهذا الهجوم وإستهداف أربيل سيجعل كلّ إقليم كردستان يقف بوضوح إلى جانب الكاظمي وسيكون الخاسر الأكبر إيران التي حاول الكرد الحياد بالصراع معها.

ويملك نيجيرفان بارزاني أوراق ضغط مهمّة لمواجهة إيران، وتتمثّل بالقوى الكرديّة الإيرانيّة المعارضة، وليس سرّاً أن تلك الأحزاب تملك قوى عسكريّة تعمل فصائلها خلف الحدود في كردستان إيران، وتُنفّذ عمليّات عسكريّة دفاعيّة ضدّ "الحرس الثوري" الإيراني، وهي قادرة على التحوّل إلى الهجوم.

يُعتبر بارزاني بمثابة "ثعلب سياسي" بارع في اللعب بكافة الأوراق، وهو أحد أبرز مهندسي ديبلوماسيّة الإقليم، ومن القادة الذين يحظون بالإحترام حتّى في صفوف "الإتحاد الوطني"، حليف إيران الأبرز، وقادر على لعب أدوار مهمّة في عمليّة إستعادة السيادة على كافة الأراضي العراقيّة بالتعاون مع الكاظمي. فهل يُصبح إقليم كردستان العراق عنصراً جديداً من عناصر الضغط على النظام الإيراني وأحد مرتكزات إعادة الهيبة للدولة العراقيّة وتكريس سيادة العراق؟ الأيّام المقبلة كفيلة بالإجابة على كلّ تلك الأسئلة.


MISS 3