باريس - نداء الوطن
في خطوة مهمة تعكس التزام الدول الأوروبية بدعم أوكرانيا في التحديات الأمنية، استضافت العاصمة الفرنسية باريس، الثلثاء 11 آذار 2025، اجتماعًا رفيع المستوى لرؤساء أركان جيوش الدول الغربية في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بمشاركة كل من كندا وأستراليا وبغياب الولايات المتحدة الأميركية.
الاجتماع جاء في وقت حرج، حيث تستمر الحرب الروسية في أوكرانيا منذ ثلاثة أعوام، وكان الهدف من اللقاء مناقشة سبل تعزيز التعاون الدفاعي والتأكيد على الدعم العسكري المستمر لأوكرانيا.
دعم أوكرانيا وتعزيز قدراتها الدفاعية
شهد الاجتماع نقاشات كثيفة حول سبل تعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية في مواجهة الهجمات الروسية. رؤساء الأركان ناقشوا إمكانات تزويد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية اللازمة، في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تمكين القوات الأوكرانية من حماية أراضيها.
إحدى النقاط الرئيسية التي تم تناولها كانت احتمال نشر قوات أوروبية في أوكرانيا. وعلى الرغم من تأكيد المشاركين على أهمية وجود قوات دولية لدعم استقرار أوكرانيا في اطار مهمة غير قتالية، تكلف بالاشراف على تنفيذ وقف النار في حال التوصل اليه. إلا أن الجميع اتفق على ضرورة التنسيق مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل اتخاذ أي خطوات في هذا الاتجاه، وهو ما يعكس حرص الدول الأوروبية على تحقيق توازن في الدعم العسكري.
التنسيق مع الناتو: ضرورة استراتيجية
كانت دعوة الرئيس البولندي أندريه دودا إلى ضرورة إشراك حلف الناتو في أي خطة لنشر قوات أوروبية في أوكرانيا نقطة مهمة في خلال الاجتماع. حيث شدد دودا على أن أي تحرك عسكري في أوكرانيا يجب أن يتم تحت مظلة الناتو، لضمان التنسيق الكامل بين الدول الأعضاء في الحلف وحماية الأمن الإقليمي.
وزير الدفاع الفرنسي سيبستيان لوكورنيه اعتبر ان الضمان الوحيد لاوكرانيا هو الجيش الاوكراني ورفض بشكل قاطع تجريد أوكرانيا من السلاح.
هذه المواقف تعكس حرص الدول الأوروبية على الحفاظ على الوحدة السياسية والعسكرية في التعامل مع الأزمة الأوكرانية. كما تؤكد على الدور المركزي الذي يلعبه الناتو في تعزيز الأمن الأوروبي في وجه التهديدات العسكرية.
المظلة النووية: خطوة نحو الردع الأوروبي
على هامش المناقشات العسكرية، تطرق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أهمية تعزيز الردع النووي الأوروبي. ماكرون أبدى استعداده لفتح نقاش حول إمكانية نشر "المظلة النووية" الفرنسية، وهو اقتراح يهدف إلى توفير حماية نووية للدول الأوروبية التي تواجه تهديدات من القوى النووية الأخرى.
هذه الخطوة تأتي في وقت تشهد فيه أوروبا تحديات أمنية كبيرة، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بالدفاع عن الأمن الجماعي للدول الأوروبية بشكل مستقل. كما يُظهر التزام فرنسا بدورها القيادي في تعزيز التعاون الدفاعي المشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية
بالإضافة إلى النقاشات المتعلقة بأوكرانيا، شهدت باريس أيضًا اجتماعًا منفصلًا لوزراء الدفاع الأوروبيين. الاجتماع تناول سبل تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية في مجالات متعددة، من بينها زيادة الإنفاق الدفاعي وتطوير استراتيجيات مشتركة لمواجهة التهديدات المستقبلية.
وقد تم التأكيد على ضرورة أن تكون أوروبا أكثر استقلالية في مجال الدفاع، وأن تكون قادرة على التصدي لأي تهديدات مستقبلية دون الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة أو حلف الناتو.
من اجل تحقيق هذه الغاية وضع الاتحاد الأوربي خطة دفاع بقيمة 800 مليار يورو وقررت فرنسا زيادة موازنة الدفاع من 50 مليار يورو سنويا الى 100 مليار، في حين خصصت المانيا موازنة للدفاع بقيمة 500 مليار يورو .
وتتضمن هذه الخطط اعادة تنشيط قطاعات انتاج السلاح والذخيرة والمراقبة والاستعلامات عبر الأقمار الاصطناعية للتعويض عن القوة العسكرية الأميركية
هذا وشكل اجتماع باريس خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون العسكري بين الدول الأوروبية، ويؤكد التزام هذه الدول بتقديم الدعم المستمر لأوكرانيا. كما يعكس هذا الاجتماع التنسيق الوثيق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ويضع الأسس لمستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا لأوروبا في مواجهة التحديات الأمنية الراهنة والمستقبلية