غايال خوري

التّكنولوجيا في كرة القدم: بين تحقيق العدالة وقتل المتعة

أثار خروج أتلتيكو مدريد من دوري أبطال أوروبا على يد ريال مدريد جدلاً واسعاً حول مدى تأثير التّكنولوجيا على كرة القدم. فتراوحت التّساؤلات بين مساهمة التّكنولوجيا في تحقيق العدالة، أم انتزاعها المتعة والأصالة من اللّعبة؟


جاء الجدل بعد إلغاء هدف جوليان ألفاريز في ركلات التّرجيح بسبب لمسةٍ مزدوجة غير مقصودة، ممّا دفع الاتّحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) إلى إعادة النّظر في القاعدة.



إلغاء "هدف" غيّر مسار المباراة

في مباراة الإياب من دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا ضدّ ريال مدريد، تفوّق أتلتيكو مدريد 1-0 بعد الوقت الإضافي، ليتمّ اللّجوء إلى ركلات التّرجيح. أثناء تنفيذ لاعب كرة القدم الأرجنتيني جوليان ألفاريز لإحدى الرّكلات، انزلقت قدمه اليسرى ولمست الكرة قبل أن يسدّدها بقدمه اليمنى، ممّا أدّى إلى تسجيل الهدف. الحكم احتسب الهدف في البداية، لكنّ لاعبي ريال مدريد طالبوا بمراجعة تقنيّة الفيديو (VAR) بدعوى وجود لمسةٍ مزدوجةٍ.


وبعد مراجعة اللّقطة، قرّر الحكم إلغاء الهدف، وهو ما قلب مجريات المباراة لصالح ريال مدريد، الّذي فاز لاحقًا بركلات التّرجيح 4-2. أدّى هذا القرار إلى طرح تساؤلاتٍ كثيرة حول مدى ضرورة تطبيق القاعدة بهذه الصّرامة والجديّة، خاصّةً عندما تكون اللمسة الثانية غير متعمّدة.



قاعدة اللمسة المزدوجة: حماية للعدالة أم تعقيد غير ضروري؟

تمنع قاعدة اللمسة المزدوجة اللاعبين من لمس الكرة مرّتين قبل أن يلمسها أي لاعب آخر أثناء تنفيذ ركلة الجزاء. ووفقاً لقوانين مجلس الاتّحاد الدّولي لكرة القدم (IFAB)، إذا حدث ذلك، يتمّ إلغاء الهدف وتُمنح ركلة حرّة غير مباشرة للفريق المنافس.


لكنّ في حالة ألفاريز، لم يكن هناك تعمّد في اللمسة الأولى، وهو ما دفع أتلتيكو مدريد إلى تقديم استفسارٍ رسميّ للاتّحاد الأوروبي لكرة القدم. وردَّ الاتّحاد بالإعلان عن دراسة إمكانيّة تعديل القاعدة في الحالات التي يكون فيها الخطأ غير مقصود.



التّكنولوجيا: تحقيق العدالة أم قتل روح اللّعبة؟

عندما تمّ إدخال تقنيّة الفيديو (VAR)، كان الهدف منها الحدّ من الأخطاء التّحكيميّة الفادحة، لكنّ استخدامها المتزايد أثار تساؤلات حول مدى تأثيرها على طبيعة اللعبة. المدرّب دييغو سيميوني أشار إلى أنّه لم يشهد تدخّل الـ VAR في ركلات التّرجيح من قبل، وهو ما عزّز الشّكوك حول تباين استخدام التّقنيّة.


حالاتٍ مماثلة حدثت في بطولاتٍ أخرى، مثل إلغاء هدف ريفر بليت في كأس ليبرتادوريس 2023 بسبب لمسة مزدوجة غير متعمّدة. في المقابل، تمّ التّغاضي عن حالاتٍ مشابهة في مبارياتٍ أخرى، ممّا يعكس عدم اتّساق تطبيق القواعد.



المستقبل: بين التمسّك بالنزاهة والحفاظ على متعة اللعبة

مع استمرار الجدل، يجد الاتّحاد الأوروبي لكرة القدم نفسه أمام معضلة: هل يجب تعديل القوانين للحفاظ على متعة اللعبة وعفويّتها، أم أنّ التّكنولوجيا يجب أن تبقى الحكم الفاصل بغضّ النظر عن مدى تأثيرها على إيقاع المباريات؟


ختاماً، يبقى السّؤال القائم هو: هل التّكنولوجيا تخدم كرة القدم، أم أنّها تحوّلها إلى لعبةٍ بلا روح؟