جوزيفين حبشي

أيها المنتجون اللبنانيون: الدراما اللبنانية أمانة في أعناقكم

انتهى الموسم الرمضاني، وبدأ فصل جديد من فصول الدراما اللبنانية التي أثبتت جدارتها وبقوّة خلال الشهر الفضيل.


كلّ ذلك من خلال إنتاج لبناني بحت، نافس محلياً وعربياً، وضخّ دم الحياة في عروق دراما عانت طويلاً من النشاف والإجحاف، فتفوّقت به وتصدّرت معه.


انتهى الموسم الرمضاني وانتهت معه الحجج الواهية بأنّ الدراما اللبنانية ليست بجودة غيرها، ولا بعمق غيرها، ولا تبيع مثل غيرها، وتحتاج لنجوم من جنسيات أخرى لترفعها معها.


"خلصنا بقا"، فهذه الأسطوانة المشروخة لم تعد صالحة للإستعمال، بدليل أنّ مسلسل " بالدم" تمكّن من رفع سقف المنافسة عالياً جداً، فتفوّق وتصدّر ورفع آمالنا باستعادة مجدنا الفني الذي لطالما كان لبنان سبّاقا فيه، سينمائياً ومسرحياً ودرامياً وغنائياً وموسيقياً، ومنذ ثلاثينات القرن الماضي.


موسيقياً، نحن الرحابنة وفيروز وصباح، وغابريال يارد الفائز بالأوسكار عن موسيقى فيلم "المريض الإنكليزي".


سينمائياً نحن أطلقنا عجلة الإنتاج في مصر مع آسيا داغر وماري كويني، وتوّجنا بالغار أعمال مخرجين وممثلين من أصول لبنانية مثل هنري بركات ويوسف شاهين و عمر الشريف، ووصلنا الى مهرجانات كان وبرلين والبندقية مع جورج نصر ومارون بغدادي، وخصوصاً زياد دويري ونادين لبكي اللذين حصلا للبنان على ترشيحَين اثنَين للأوسكار.


درامياً، تلفزيوننا الوطني كان الرائد في إنتاج الدراما التي انتشرت في العالم العربي كلّه قبل الحرب التي قضت على الحجر والبشر والإنتاجات الفنّية، ولكنّها لم تقضِ على روحنا التواقة للحياة والابداع.


اليوم شبعنا وقوفاً على الأطلال. اليوم حان وقت استعادة ما كان لنا، والمسؤولية الكبرى تقع على عاتق المنتجين اللبنانيين الذين من واجبهم دعم الدراما الوطنية، وعدم التلكؤ بعد الآن خلف حجج لم تعد مقبولة ولا مسموحة.


تابعوا إنتاجاتكم السورية والمصرية والخليجية والمشتركة، "وصحتين على قلبكم".. ولكن في المقابل قدّموا عملاً لبنانياً واحداً بحتاً في السنة، ليس إحساناً وفعل خير، فالدراما اللبنانية لا تحتاج شفقتكم. هي تحتاج ثقتكم بها وبكتّابها ومخرجيها وممثليها الذين متى أُتيحت لهم الفرصة، ستأخذون منهم ما يدهش العالم، وخير دليل مسلسل "بالدم". لم يعد مسموحاً تجاهل الطاقات اللبنانية التي برهن جزء كبير منها عن تميّزه واستثنائيته في "بالدم"، بينما يقبع جزء أكبر من هذه الطاقات في البيوت، بانتظار أن يتذكر منتج ما تاريخهم وبصماتهم وقدراتهم. ينتظرون، يذبلون في لهفتهم لقطرة ماء تنعشهم من جديد، وتعيد لهم ذاكرةً أنستهم أنهم فنانون وقديرون. ليس هناك ظلم وغضب أكبر من تجاهل من يمتلك الكثير ليقدّمه، ورغم ذلك يقبع في الزاوية، بينما يصرّ منتج لبناني على تسليط الضوء على غيره.


"خلصنا بقا"، فتجاهل الطاقات اللبنانية، في الكتابة والتمثيل والإخراج، هو فعل خيانة لهويتنا وكياننا. 


"خلصنا بقا" من الحجج الواهية بأنّ الدراما اللبنانية ليست بجودة غيرها، ولا بعمق غيرها، ولا تبيع مثل غيرها، وتحتاج لنجوم من جنسيات أُخرى لترفعها معها. ابحثوا عن حجج غيرها، فهذه ماتت وشبعت موتاً، بعدما أغرقها "بالدم".


الدراما اللبنانية بحاجة أن تأخذ نَفَسها، فلا تقطعوا عنها الهواء ايها المنتجون اللبنانيون. لقد تمّ ضخّها بالدم، ها هي تنبض من جديد، فثقوا بها، راهنوا عليها، قفوا معها، افرحوا لها، ادعموها وهي لن تخذلكم.