أبو زهير

سَمّعني فريد...

تتحيّن أم زهير الانتخابات البلدية. تنتظرها على أحرّ من الجمر وتتوجّس وتتأبّط شراً كلّما سمعت عن احتمال تأجيلها. أم زهير لا تحبّ السياسة ولا السياسيين (ما عدا الشيخ سعد ابن الحبيب) لكنّها تنظر إلى الانتخابات البلدية في أم الشرائع بيروت، نظرة ثأر.


في نظرها، فإنّ الانتخابات المنتظرة في الأسابيع المقبلة هي محاولة لتعويض ما فات العاصمة زمن المجالس البلدية السابقة، خصوصاً زمن جمال عيتاني الذي تكره سيرته وتعتبر أنّه كان شريكاً في دمار بيروت وتراجعها (رغم أن ابن الحبيب هو من أتى به!).


أمس، وبينما كنّا نسمع نشرة الأخبار على محطة MTV التي تحبّها حباً جمّاً (تقول إنّ المحطة تحاكي تطلعات أهل العاصمة أكثر من المحطات المحسوبة على بيروت) مرّ تقرير إخباريّ حول الانتخابات البلدية، فتنحنحت ورفعت صوت التلفزيون وأنصتت. قاطعتها من باب المزاح: "والله يا أم الزوز أنا منتظر لائحة نواب التغيير وبدي أعطيها صوتي هالانتخابات... يلي بقولو ابراهيم منيمنة رح أمشي فيه".


اشرأبّت بعنقها نحوي وجحظت عينيها، وقالت: "ميييين؟ ابراهيم؟ ليش يا بَعدي؟".


تعتبر أم زهير أنّ ابراهيم منيمنة خان الأمانة. فهي لم تكن تريد التصويت له في الانتخابات الماضية، لكنّني أقنعتها بذلك (وندمت).


في نظرها، فإنّ منيمنة لم يكن بمستوى التطلّعات البيروتية. كانت النوايا معقودة عليه في محاكاة تطلعات أبناء العاصمة لناحية رفض السلاح غير الشرعي بشكل أكثر شجاعة وبلا "لوفكة" و "تدوير زوايا"، لكنّ منيمنة في نظرها "سقط بالامتحان وجاب صفر". أما في الملفات البيروتية الأخرى فتقول: "جبنا الأقرع ليونّسنا".


حاولت الدفاع عن نائب الـ 13 ألف صوت بيروتيّ، لكنّني لم أفلح. قلت لها: "يا أم زهير التغيير ضروري... وما فينا ننتخب أركان المنظومة كل مرة. وإذا ما صاب ابراهيم بصيب غيرو".


فقالت لي: "شو عم تلعبني بالسبق؟".


تؤكّد أم زهير أنّها أخضعت ابراهيم لامتحان آخر بخلاف سلاح "حزب اللّه"، لكنّه فشل فيه أيضاً. وحينما سألتها عن ذاك الامتحان، قالت لي: "شفناه بالنافعة... لجنته كلها مانها نافعة". استفسرت منها عمّا تقصد، فقالت: "مش ابراهيم زلمتكم رئيس لجنة تقصّي الحقائق بالنافعة وملفاتها؟"، فقلت بعد أن حككت دماغي: "صحيح" (نسيت الموضوع كلياً).


فقالت: "صاحبك بوب وعدنا بإصدار تقرير من سنة وأكثر، وبعدو هالتقرير بيصدر... على الوعد يا كمون!"، وأردفت: "لو حماسته بالنافعة هي نفسها بقانون السرية المصرفية لكان بيتنا بالقلعة".


قاطعتها هنا مجدداً: "شو بتقصدي؟ اللجنة مقصّرة بمكافحة الفساد أو عم تلطشي باحتمال فسادها كمان؟".


حملت أم زهير الـ Remote control بيدها ورفعت صوت التلفاز أكثر وأكثر، ثم قالت: "شيلني هلق من ابراهيم ولجنته... خليني إسمع فريد".


لم تقصد الراحل فريد الأطرش، ولا رئيس لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، فريد البستاني، الذي يتولّى الملف نفسه اليوم، وإنّما "فريد" بطل المسلسل التركي الذي تعرضه MTV.