رفيق خوري

مفاوضات الناقورة : بداية ام نهاية؟

14 تشرين الأول 2020

02 : 00

لبنان يحتاج الى كل أوراق القوة في التفاوض على ترسيم الحدود البحرية والبرية مع اسرائيل. لا فقط قوة الحجة والقانون الدولي بل ايضاً قوة الموقف الوطني وراء المفاوض والقدرة على حماية الموقف بالقوة. لكنه يبدو كأنه ذاهب بالقوة الى التفاوض في رأس الناقورة تحت علم الأمم المتحدة وحضور "الوسيط والمسهل" الأميركي . فنحن طلبنا منذ سنوات مساعدة أميركا على تحصيل حقنا. ونحن أصحاب مصلحة في نجاح المفاوضات قبل أميركا. وما نسمعه اليوم هو الايحاء أن اميركا تجرنا الى "فخ" والدعوة الى الحذر والاستمرار في قتالها ضمن "محور الممانعة ". والمشهد في بيروت هو التفاوض في الكواليس والمتاريس الخطابية بين اللبنانيين قبل مشهد التفاوض في رأس الناقورة .

لكن ترسيم الحدود ليس بالبساطة التي يراد تصويره بها. ولا بالتعقيد الذي يراه أهل الحل الراديكالي للصراع العربي - الاسرائيلي. فما نريده نحن "نهاية" في مسألة تقنية ، تراهن واشنطن وتل ابيب على ان يكون "بداية" مسار يقود الى تطورات أوسع. وما نتوقف عنده من شكل التفاوض ونوعية المفاوضين هو تمارين في العبث، بعد كل ما حدث ويحدث من تطورات دراماتيكية في المنطقة منذ كامب ديفيد .

ذلك ان الحدود ضاعت بين المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، بمقدار ما تجاوزت التجارب العربية - الاسرائيلية الفارق بين المستوى العسكري التقني والمستوى السياسي في التفاوض. فالعرب جميعاً ذهبوا الى مفاوضات مباشرة في واشنطن بعد مؤتمر مدريد الدولي. لبنان تفاوض مباشرة بوفد قاده السفير الراحل سهيل شماس. الأردنيون والفلسطينيون فاوضوا على مستويات قيادية ، وبعد اوسلو صار التفاوض على مستوى الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الاسرائيلي. سوريا فاوضت مباشرة بين رئيس الأركان حكمت الشهابي وكل من رئيس الاركان الاسرائيلي شاحاك وباراك ثم عبر وزير الخارجية فاروق الشرع مع كل من رئيس الحكومة الاسرائيلية باراك ثم نتنياهو . وكلها برعاية أميركية على مستوى وزير الخارجية ثم الرئيس. فلا الفشل أدى الى تغيير المواقف، ولا المستوى السياسي هو الذي قاد دولاً الى التطبيع وأخرى الى الامتناع عنه.

والسؤال الأساسي هو : هل نريد النجاح في استعادة حقنا أم مجرد تمرير مرحلة ؟ هل ما جرى هو شراء "فترة سماح" من العقوبات الأميركية على "الثنائي الشيعي" وايران وصورة تخدم الرئيس ترامب في الانتخابات أم أن الحسابات أكبر وأبعد؟

أزمات لبنان وتحدياته مصيرية. وآخر ما يفيدنا هو التصرف حسب قول الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني لزائر غربي: " انتم لديكم الساعات، ونحن لدينا الوقت ".


MISS 3