في خضم صخب الحياة العصرية وضغوطها المتزايدة، يجد الكثيرون ملاذاً وسكينة في ممارسة اليوغا، التي لم تعد مجرد مجموعة من التمارين البدنية والتنفسية، بل تحولت إلى فلسفة حياة شاملة ونظام علاجي متكامل. وبشكل متزايد، يرى البعض في ممارسة اليوغا بديلاً أو إضافة قيّمة للطب التقليدي في معالجة الكثير من العلل الجسدية والنفسية.
في هذا السياق، تحدثنا إلى فرح أبو ماضي مدربة يوغا معتمدة ولها سنوات طويلة من الخبرة، فقالت: "أرى يومياً كيف تُحدث اليوغا فرقاً حقيقياً في حياة طلابي. إنها ليست مجرد تمارين رياضية، بل رحلة استكشاف للذات وتواصل عميق بين الجسد والعقل والروح".
وتشرح كيف تعمل اليوغا كعلاج فعال: "من خلال التركيز على التنفس العميق والتمارين الجسدية اللطيفة (الأساناز)، تساعد اليوغا على تقليل مستويات التوتر والقلق بشكل كبير، ما يلعب دوراً محورياً في الوقاية من الكثير من الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري. بالإضافة إلى ذلك، تعمل بعض وضعيات اليوغا على تحسين الدورة الدموية وتقوية الجهاز المناعي وتخفيف الآلام المزمنة مثل آلام الظهر والمفاصل"، مضيفةً: "الأمر لا يقتصر على الجانب الجسدي فحسب، بل يمتد ليشمل الصحة النفسية والعاطفية. تساعد اليوغا على تهدئة العقل وتصفية الذهن وتعزيز الشعور بالسلام الداخلي والاتزان. لقد رأيت عدّة حالات لأشخاص تخلصوا من أعراض الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم من خلال الممارسة المنتظمة لليوغا".
وتؤكد أبو ماضي أهمية الممارسة المنتظمة والصبر مشيرةً إلى أنّ "اليوغا ليست حلاً سحرياً، بل رحلة تتطلب الالتزام والمثابرة. مع مرور الوقت والممارسة المستمرة، يبدأ الشخص ملاحظة التحسنات التدريجية في صحته الجسدية والعقلية والعاطفية. إنها استثمار في الذات على المدى الطويل".
وتلفت إلى أن اليوغا لا تغني عن استشارة الطبيب في الحالات المرضية الحادة، ولكنها يمكن أن تكون إضافة قيمة للرعاية الصحية الشاملة، مردفةً: "أشجع طلابي دائماً على التواصل مع أطبائهم وإخبارهم بممارستهم لليوغا، اذ يمكن أن تكون علاجاً تكميلياً فعالاً يساعد في تسريع عملية الشفاء وتحسين نوعية الحياة".
في الختام، يبرز الدور المتنامي لليوغا كأداة قيمة في تعزيز الصحة والعافية على مختلف الأصعدة. فمن تخفيف التوتر والقلق إلى تحسين الوظائف الجسدية وتعزيز السلام الداخلي، تقدم اليوغا فوائد جمة يشهد عليها الممارسون والخبراء على حد سواء. ومع ذلك، يظل الوعي بأهمية التكامل مع الاستشارة الطبية ضرورياً لتحقيق أفضل النتائج المرجوة من هذه الممارسة العريقة.