غايال خوري

جريج بوبوفيتش: الاستمرارية في التدريب تصنع البطولات

المدرب جريج بوبوفيتش

في زمن أصبحت فيه كرة السلة لعبة تغييرات متواصلة، من تبديل المدربين إلى إعادة بناء الفرق كل موسم، يبرز اسم جريج بوبوفيتش كاستثناء نادر، ورمز حقيقي لقيمة الاستمرارية والالتزام طويل الأمد.


المدرب الأسطوري والبالغ من العمر 75 عاماً، قاد فريق سان أنطونيو سبيرز كمدرب رئيسي لمدة 28 موسماً، منذ عام 1996، قبل أن ينتقل مؤخراً إلى دور المدير العام ورئيس عمليات كرة السلة في النادي. مسيرته لم تُقَس بالأعوام فقط، بل بما أنجزه خلالها: خمس بطولات دوري NBA، وعدد لا يُحصى من اللحظات التاريخية، وتشكيل ثقافة رياضية فريدة.


منذ بدايته، لم يكن بوبوفيتش يعتمد على النجوم بقدر ما كان يصنعهم. قاد مسيرة ديفيد روبنسون، وبنى إمبراطورية حول تيم دنكان، واحتضن عبقرية توني باركر ومانو جينوبلي، ثم صقل موهبة كواهي لينارد. واليوم، يضع أسس مستقبل جديد مع الظاهرة الفرنسية فيكتور ويمبانياما. كل جيل من هؤلاء لم يمر من دون أن يترك بصمة، لأنهم نشأوا ضمن منظومة واحدة، بثقافة واحدة، وبقيادة مدرب واحد.


في المقابل، تشهد بعض الدوريات مثل الدوري اللبناني تبديل المدربين بشكل موسمي، أملًا في تحسين النتائج السريعة. لكن النتيجة غالباً ما تكون عكسية؛ يبدأ الفريق من نقطة الصفر، يفتقر للتجانس، وتُهدَر سنوات من البناء الفني والنفسي. غياب الرؤية بعيدة المدى يحرم الفرق من فرص التطور الحقيقي، ويحولها إلى مشاريع قصيرة الأجل.


بوبوفيتش قدّم نموذجاً مختلفاً. لم يكن فريقه الأفضل على الورق دائماً، لكنه كان الأكثر انسجاماً والتزاماً بفلسفة لعب ثابتة. منظومته لم تعتمد على مواسم فردية ناجحة، بل على تراكم سنوات من العمل المشترك والثقة المتبادلة.


اليوم، وبعد 28 عاماً من التدريب، لا يزال اسم بوبوفيتش حاضراً بقوة في الـ NBA، ليس فقط كمدير إداري، بل كمرجعية في فن الإدارة الفنية والثقافة الرياضية. انتقاله إلى دور إداري لا يعني خروجه من الصورة، بل يعكس استمرارية مشروع بدأه منذ التسعينات، ولا يزال يؤتي ثماره حتى اليوم.


في زمن القرارات السريعة والتغييرات المتكررة، تذكّرنا مسيرة بوبوفيتش أن البطولات لا تُصنع بالحظ أو بالحلول العاجلة، بل بالثبات، والثقة، وبناء الهوية على مدى سنوات.


جريج بوبوفيتش ليس مجرد مدرب ناجح… بل هو درس حيّ في أن الاستمرارية في التدريب، تصنع البطولات.